مدينة بلا حوادث
في دراسة حديثة نشرتها منظمة الصحة العالمية أمس الأول جاءت المملكة العربية السعودية بين الدول الأكثر خطورة في حوادث الطرق المميتة حيث تصل نسبة الوفيات إلى 49 في المائة لكل 100 ألف نسمة، وفي مصر 41 في المائة وفي أفغانستان 39 في المائة وإريتريا 48 في المائة وتونس 34,5 في المائة.
وأورد التقرير أن 1.2 مليون شخص في العالم يلقون حتفهم سنوياً من جراء حوادث الطرق، وأن ما يراوح عدده بين 20 مليون و 50 مليون شخص يعانون إصابات غير قاتلة من حوادث الطرق، وعلى الرغم من اعتماد معظم البلدان في العالم توصيات التقرير العالمي للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور والمبني على تقييم السلامة في 178 دولة في العالم إلا أن مؤشر الحوادث لا يقدم أي تحسن في التقييم العالمي للسلامة على الطرق.
وأوضح التقرير أن 90 في المائة من الوفيات الناجمة عن تصادمات الطرق في العالم تقع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، كما أوضح أن نصف من يلقون حتفهم 46 في المائة تقريباً هم من المشاة أو راكبي الدراجات البخارية، كما أن هناك عدداً قليلاً من البلدان لا يتجاوز 15 في المائة لديه قوانين شاملة بشأن السلامة على الطرق يتم تنفيذها بشكل جيد، وفي المقابل هناك 29 في المائة من البلدان يطبقون المعايير الأساسية للحد من السرعة داخل المدن، ولا توجد لدى 44 في المائة من البلدان سياسات تشجع على استخدام وسائل النقل العام كبديل للتنقل بالسيارات.
كما كشفت الدراسة أن الحوادث تشكل تاسع سبب للوفاة على مستوى العالم ومن الثلاثة أسباب الرئيسية لوفاة الفئة العمرية بين ( 5 و44 عاماً)، ويحذر التقرير من أنه ما لم تتخذ تدابير من أجل وقف هذا التصاعد فإن الضحايا قد يزيدون إلى 4,2 مليون سنوياً عام 2030 بحيث تصبح الحوادث خامس سبب للوفاة.
وأوضح التقرير أن نصف بلدان العالم أقرت تشريعات تسمح بمكافحة ما أطلق عليه "عناصر المخاطر الخمسة" وهي القيادة تحت تأثير الكحول، السرعة المفرطة، وضع الخوذة لقائدي الدراجات البخارية، حزام الأمان، استخدام التدابير الخاصة لسلامة الأطفال، ويواجه معدو التقرير صعوبات من خلال امتلاك عدد قليل من البلدان بيانات موثوقة بشأن الإصابات الناجمة عن تصادمات الطرق سواء ما يتعلق بالوفيات أو الإصابات غير القاتلة.
إن نسبة وفيات الحوادث في المملكة من أعلى النسب على مستوى العالم وزيارة واحدة لإحدى المقابر أو أحد المستشفيات تقدم لنا الدليل والبرهان الذي قد لا نكون في حاجة ماسة له حول ما تسببه هذه الحوادث من فقد لأفراد أعزاء علينا يوما بعد يوم أو إصابات خطيرة لبعضهم قد تسهم في تغيير مجرى حياته بالكامل، بل إن قرابة نصف وفيات الحوادث الذين يزيد عددهم سنوياً على خمسة آلاف شخص في المملكة هم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عام، وهناك 40 ألف مصاب سنوياً وقرابة 20 مليار ريال خسائر مالية سنوية، كل ذلك بسبب أننا لم نقف وقفة جادة تجاه ما يحدث من البعض من سلوكيات خاطئة وسرعة وتعود على المخالفات وعدم احترام للأنظمة والتعليمات المرورية.
إن وقف هذا النزيف والقضاء على هذا السرطان لا يتوقف على إدارة المرور فقط بل هي ثقافة مجتمع بالكامل، وأتمنى كخطوة مبدئية أن نعمل بشكل مصغر أولاً بنشر ثقافة التوعية والالتزام بتطبيق أنظمة السلامة المرورية مع أبنائنا وإخواننا وأن نكون لهم قدوات، ثم من خلال الشوارع المحيطة بنا ثم من خلال الحي الذي نسكن فيه وهكذا إلى أن نصل إلى مدينة بلا حوادث، وكم أتمنى أن توضع جائزة من إدارة المرور لمناطق المملكة بهذا المسمى بحيث تتنافس المناطق في أن تكون لديها مدن بلا حوادث خصوصاً أننا نحرص على هذا إن سافرنا إلى الخارج أو رأينا سيارة المرور.