مدير بلا صلاحيات

يفرح الكثيرون بالترقيات والعلاوات ويفهم البعض هذا الأمر بأنه عبارة عن زيادة في الدخل المادي للوظيفة التي يشغلها، أو الوظيفة التي تم ترقيته لها، والبعض يفهم الترقية بأنها مكتب واسع وعدد من الموظفين ومن المراجعين فضلا عن وجود السكرتارية وقد يشمل ذلك وجود موقف مخصص أو وجود دورة مياه خاصة أو الحصول على درجة أعلى في رحلات الطيران فضلا عن التهاني والتبريكات والدعوات للولائم وغيرها من التغطيات الصحفية والإعلامية.
ومن أهم المشكلات التي يعانيها كثير من الموظفين الذين يتم ترقيتهم إلى مناصب أعلى عدم وجود الصلاحيات التي من المفترض أن تكون مصاحبة لهذه الترقية، فعلى الرغم من زيادة حجم المسؤوليات الموجودة في الوظيفة الجديدة تجد أن الموظف الذي يتم ترقيته لا يملك أية صلاحية في منصبه الجديد ومع ذلك تجد الكثيرين غير مهتمين بهذا الأمر على الرغم من أن مهمته أصبحت أصعب مما كان عليه في السابق، إذ كان في موقع لا يتوقع منه اتخاذ قرار ولم يكن مسؤولاً عن موظفين ولم يطلب منه إنجاز معين أما اليوم وبعد الترقية فالكل ينتظر منه الإنجاز ويعتقد بأن هذه الترقية سيتبعها تغيير ما وستسهم في تطوير العمل وزيادة الإنتاجية.
بعض هؤلاء لا يهمه الأمر فطالما زاد الراتب الشهري فهذا هو الأساس ولكن الجمهور والمراجعين لا يهمهم زيادة الدخل الشهري للموظف الذي تم ترقيته بل ما يهمهم هو هل سيقوم هذا الموظف بإنهاء معاملاتهم بيسر وسهولة وهل سيحرص على تطوير أسلوب العمل وهل سيكون لديه من الصلاحيات ما يساعده على تقديم عمل مميز واتخاذ قرارات في مصلحتهم ومن أجل خدمتهم.
إن الموظف الذي سيتم ترقيته يجب عليه ألا يغتر بارتفاع الدخل المادي لوظيفته ولا بمستوى المسؤوليات بل يجب عليه أيضاً أن يفكر في حجم الصلاحيات، الذي سيمنح له والدور الذي سيقدمه في عمله من خلال منصبه الجديد، إذ يجب عليه ألا يقبل أن يكون مديراً بلا صلاحيات ففي ذلك تقليل من قدره بل إهانة له، فهو لن يستطيع أن يواجه مراجعاً ولا يجيب على سائل فهو لا يملك من أمره شيئاً ولا أعرف كيف يقبل البعض على أنفسهم أن يواجهوا المراجعين قائلين لهم: آسف هذا ليس من صلاحياتي – إن كان لديه صلاحيات في الأصل -، فليست الوظيفة بقيمتها المادية بل الوظيفة بإنجازها وبقيمتها التي يمكن من خلالها أن يقدم الإنسان خدمة يفيد من خلالها مجتمعه .
كثيراً ما نسمع أن الصلاحيات لا تعطى ولكنها تنتزع وقد يكون هذا الكلام صحيحاً في بعض الظروف إلا أن الأصح أن الصلاحيات يجب أن تكون متوافرة ومرتبطة بالوظيفة فكما أن للوظيفة مسؤوليات فيجب أن يكون لها صلاحيات.
هناك موظفون تتم ترقيتهم لمناصب إدارية أعلى ولكن للأسف لا يملكون من أمر إدارتهم شيئاً فعلى مستوى إدارة الموظفين هم لا يستطيعون أن يعينوا موظفين أو ينهوا خدمات المتقاعسين أو ترقية المجتهدين أو إنذار المقصرين ولا يملكون تغيير سير العمل بما يساهم في تطويره سواء بإضافة أسلوب جديد أو تغيير أسلوب آخر بل لا يملكون اعتماد صرف ريال واحد في إدارتهم أو حتى تقديم أي استثناء لأي مراجع يرون بأنه يستحق ذلك وهؤلاء هم الضعفاء.

إن بعض الإدارات العليا التي تقدم الترقيات وتتحمل المسؤوليات بلا صلاحيات قد تسهم في فتح طريق الانحراف والفساد للمدير الذي تمت ترقيته إن لم يجد الصلاحيات المطلوبة فقد يلجأ هذا الموظف إلى طرق ملتوية لتنفيذ ما يعتقد أنه مناسب و يساعده على إنجاز عمله وبذلك وبدلاً من أن تكون الترقية مصدر خير وبركة تكون مصدر هم ونكسة وشر وفساد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي