دعوة إلى اعتماد برنامج وطني لترشيد استهلاك المنتجات النفطية

دعا خبير طاقة إلى ضرورة تبني برنامج وطني في المملكة لترشيد استهلاك المنتجات النفطية، باعتبار أن المعدلات الحالية للاستهلاك قد تقود إلى مزيد من الإنتاج وبالتالي استنزاف حق الأجيال المقبلة في سلعة النفط.
ويوضح الدكتور محمد خليل أستاذ مشارك لجيولوجيا البترول وتطوير مكامن النفط في جامعة الملك عبد العزيز، أن هناك دراسات غربية تؤكد أن السعودية هي الأعلى في معدلات نمو المحروقات، كما تشير الدراسات إلى ضخامة مستويات الدعم الضمني المقدم لأسعار الطاقة في المملكة، وهو ما يزيد من معدلات الاستهلاك لأن الدعم يضع الأسعار في مستويات متدنية وبالتالي يحرض على عدم الترشيد.
ويؤكد المحلل الذي يرد تقريره في الحلقة السادسة من ملف الشهر عن استهلاك المنتجات النفطية، ضرورة أن يراعي برنامج الترشيد وضع اقتصاد المملكة ومرحلة النمو التي يمر بها، وضرورة الاستخدام الأمثل للطاقة في القطاعات المختلفة بما يعكس التكلفة الحقيقية للموارد النفطية واستمرارها للأجيال المقبلة.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

حق الأجيال القادمة في النفط.. مهدد

في الحلقة السادسة من ملف الشهر الذي يسلط الضوء على تنامي استهلاك المنتجات البترولية في السعودية وأبعادها الاقتصادية وعلاقتها بالأسعار الحالية للوقود، يعرض اليوم الدكتور محمد خليل محمد خليل أستاذ مشارك جيولوجيا البترول وتطوير مكامن النفط والغاز في جامعة الملك عبد العزيز (جدة)، دراسة تفصيلية عن تنامي الاستهلاك في السوق المحلية.

ويكشف التقرير أن دراسة أعدتها إدارة معلومات الطاقة، وهي دائرة تابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، أن المملكة أصبحت أسرع مستهلك للنفط في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة.
#2#
حلقة اليوم تتضمن دعوة إلى وضع خطة استراتيجية طويلة المدى خلال ما تبقى من القرن الحالي (أي التسعين سنة القادمة) لترشيد إنتاج وتصدير واستهلاك النفط والاستثمار في الصناعات البتروكيمياوية حفاظا على هذه الثروة وعلى نصيب الأجيال القادمة منها.

تشير بيانات تقديرية إلى ضخامة استهلاك المملكة من المنتجات النفطية والغاز الطبيعي والمسال وخفض مستويات أسعار الطاقة المباعة محلياً مقارنةً بالأسواق العالمية، كما تشير إلى ضخامة مستويات الدعم الضمني المقدم لأسعار الطاقة.

كما أكدت مصادر نفطية أن شركة أرامكو السعودية, وهي الذراع الاستثمارية لمشاريع النفط والغاز في المملكة, ستستكمل خلال حزيران (يونيو) المقبل عدداً من المشاريع النفطية التي ستسهم في رفع الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمملكة من النفط الخام إلى 12.5 مليون برميل يوميا.

وتشير المصادر إلى أن تدفق النفط والغاز من مجمع خريص العملاق الذي يُطور حاليا ليستوعب إنتاج ثلاثة حقول هي خريص وأبو جفان ومزاليج في موعده المحدد حزيران (يونيو) المقبل متناغما مع مشاريع أخرى يتواكب وسياسة السعودية الهادفة إلى رفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل خلال العام الحالي وصولا إلى 15 مليون برميل يوميا خلال الـ 20 عاما المقبلة.

كما أفصح تقرير بريطاني حديث عن تنامي استهلاك السعودية من النفط أخيرا نتيجة ما وصفه بالتطورات القائمة حاليا على صعيد ارتفاع استهلاك الدول من النفط.

وقال تقرير شركة بي بي البريطانية عن إحصائيات مراجعة للطاقة العالمية في العالم لعام 2008 إن السعودية تعد واحدة من بين دول الشرق الأوسط الأكثر نموا في استهلاك النفط في عام 2007، حيث وصلت معدلات تلك الزيادة إلى ضعف معدلات المنطقة.

وأفاد التقرير أن السعودية تعد من أكثر دول العالم إنتاجا للنفط في عام 2007، حيث وصل متوسط إنتاجها إلى 10.4 مليون برميل في اليوم في عام 2007، وهو ما يعادل 6.12 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي، مضيفا أن احتياطي النفط المثبت في السعودية يصل إلى 2.264 مليار برميل يمثل نحو 21.3 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي.

ثاني أكبر منتج للنفط في العالم

كما أصدرت إدارة معلومات الطاقة، وهي دائرة تابعة لوزارة الطاقة الأمريكية تقريرا قالت فيه إن السعودية هي أكبر منتج ومصدّر للسوائل النفطية في العالم، كما أنها حاليا ثاني أكبر دولة منتجة للنفط الخام في العالم."

وجاء فيه أيضا أن المملكة تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط والصناعات النفطية، بما في ذلك صناعتا البتروكيماويات وتكرير النفط.

واستشهد تقرير الإدارة الأمريكية بتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في عام 2006، وهي أحدث معلومات متوافرة من الصندوق عن المملكة، حيث ذكر أن عائدات النفط مثلت 90 في المائة تقريبا من عائدات صادرات المملكة وعائدات الدولة ونحو 40 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للمملكة".

وأشار التقرير الأمريكي إلى أن قطاع الهيدروكربونات السعودي تسيطر عليه شركة أرامكو التي تملكها الدولة، والتي تعد بكل المقاييس "أكبر شركة نفط في العالم لناحية الاحتياطيات المثبتة وقدرتها الإنتاجية على الصعيد العالمي.

أسرع مستهلك في الشرق الأوسط

أما بالنسبة إلى الاستهلاك النفطي المحلي في المملكة، فأشار تقرير الإدارة الأمريكية إلى أن المملكة أصبحت أسرع مستهلك للنفط في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، خصوصا لناحية استهلاك وقود المواصلات.

وفسر التقرير ذلك بأنه يعود إلى الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة نتيجة الأسعار النفطية المرتفعة تاريخيا والدعومات النفطية الكبيرة من الدولة للوقود.

#3#

كل ما سبق يستوجب الشروع في بناء برنامج وطني لترشيد استهلاك الطاقة يُراعي وضع المملكة، ومرحلة النمو التي تمر بها، وضرورة الاستخدام الأمثل للطاقة في القطاعات المختلفة بما يعكس التكلفة الحقيقية للموارد البترولية واستمرارها للأجيال المقبلة.

وفي سبيل ذلك لا بد من العمل على الاستثمار الأوسع لصناعة النفط والصناعات البتروكيماوية حيث إنها المورد الاقتصادي الرئيسي للمملكة، إذ تمتلك المملكة أكبر مخزون للنفط في العالم وهي أكبر مُصدر له وأحد كبار مُصدري الغاز الطبيعي، ولديها مشاريع صناعية عملاقة في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين للاستفادة من الثروة البترولية بحكمة من حيث وضع خطط تنموية صحيحة واستراتيجية طموحة، وتوجيه عائدات الثروة النفطية لتنفيذ تلك الخطط والاستراتيجيات وتفعيلها.

فالمملكة تمتلك 25.7 في المائة من الاحتياطي الثابت للنفط في العالم وتحتل المرتبة العالمية الأولى ولها 3.6 في المائة من الاحتياطي الثابت للغاز تحتل به المرتبة العالمية الخامسة.

تتوزع هذه الكميات في إقليم الأحساء على 12 حقلا برّيا من أهمها الفوار الأبقيق والجلاّدي وعشرة حقول بحرية أهمها حقل السّفانية, تربط بين هذه الحقول أنابيب برية وبحرية.

لذا يلزم المملكة تنمية وإعادة تقييم ونمذجة هذه الحقول وتطويرها بالطرق الأحدث لرفع كفاءتها الإنتاجية الحالية، إضافة إلى تكثيف البحث عن الغاز والزيت وتطوير الحقول الواعدة الجديدة في منطقة الربع الخالي وإجراء تقييم حديث لاحتياطيات المملكة من النفط والغاز في منطقة البحر الأحمر وخصوصا البحرية منها.

وحيث إن القطاع النفطي حقق معدل نمو سنوي يقارب 4.1 في المائة في المتوسط خلال العقد الماضي فإن متوسط نصيبه في الناتج المحلي الإجمالي انخفض إلى ما بين 29.0 إلى 32.0 في المائة خلال سنوات الخطة الخمسية السادسة مقارنة بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي (55.5 في المائة) خلال خطة التنمية الخمسية الأولى.

لذا يجب خلق فرص إضافية للاستثمار في مجال صناعة البتروكيماويات لتصدير منتجاتها ومواجهة الطلب المتنامي عليها من الاستهلاك المحلي, كما أنها تؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب والأجيال القادمة.

على الرغم من ارتباط الإنتاج السعودي للنفط بالسوق العالمية وبالأسعار إلا أن المملكة وفرت سنة 1996، 12.8 في المائة من الإنتاج العالمي, كما شهد إنتاج الغاز الطبيعي ارتفاعا في الإنتاج من 2.26 مليار متر مكعّب إلى 41.3 مليار متر مكعّب بين سنتي 1970 و1996.

كما تحتل الصناعة النفطية المرتبة الأولى إذ تشغل 24 في المائة من اليد العاملة وتوفر 20 في المائة من الناتج الوطني الخام.

ولما كانت هذه الصناعة تتركز في إقليم الأحساء وينبع وجدة على سواحل البحر الأحمر, وتنتشر من حولها المصانع البتروكيماوية والغاز وصناعة مواد البناء والمواد المنزلية وأخيرا إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع فقد جاءت بهدف تحقيق تقليل اعتماد المملكة على تصدير النفط الخام وتدشين صناعات ثقيلة ومتوسطة في قطاع البتروكيماويات.

لذا يجب التوسع في إنشاء مراكز ومدن صناعية جديدة لهذه الصناعات في مناطق أخرى في المملكة لخلق مجتمعات عمرانية جديدة في كافة أرجاء المملكة لتعمير أنحاء المملكة كافة المترامية حذوا بالدول الصناعية الكبرى، مما سيعود على كل أفراد المجتمع السعودي كافة بالفائدة من هذه الثروة النفطية.

5- وحيث إن تاريخ صناعة النفط في منطقة الخفجي يعود إلى منتصف عام 1956 حيث تولت شركة أرامكو لأعمال الخليج إدارة حصة المملكة في النصف المشاع من المنطقة المقسومة.

وقد اضطلعت شركة أرامكو لأعمال الخليج منذ إنشائها خطة لإنتاج الزيت الخام وغيره من المنتجات النفطية من حصة السعودية في المنطقة المقسومة التي تشمل أربعة حقول هي: (حقل الخفجي ـ حقل الحوت ـ حقل اللؤلؤ ـ حقل الدرة), لذا وجب التركيز على هذه المنطقة للاستفادة من حصة المملكة منها في تعمير الجزء الشمالي والشمالي الغربي من المملكة وبناء مجتمعات ومدن صناعية كبرى بها.

ومع بروز عدة متغيرات جوهرية أخذت تذكر العالم النهم بأن النفط ثروة ناضبة, وأن العالم أدمن على استخدامها بسبب رخص أسعارها, فأصبح النفط جزءا من كل شيء حولنا, وأصبحنا نعتمد عليه في كل مجالات الإنتاج وأوجه الاستهلاك عامة, لذا يجب على المملكة وضع خطة استراتيجية طويلة المدى خلال ما تبقى من القرن الحالي (أي السنوات التسعين المقبلة) لترشيد إنتاج وتصدير واستهلاك النفط والاستثمار في الصناعات البتروكيماوية حفاظا على هذه الثروة وعلى نصيب الأجيال القادمة منها.

7- ولما كان من المتوقع أن تتبوأ صناعة البتروكيماويات العربية مكانةً عالمية مرموقة في العقد المقبل نظرًا لما تتمتع به الدول العربية من مزايا ومقومات وثروات طبيعية مشجعة لإقامة هذه الصناعات، حيث إن ما نسبته 50 في المائة من الطاقات الجديدة وعمليات التوسع في صناعة البتروكيماويات في العام سوف تتركز في منطقة الشرق الأوسط مع حلول عام 2010.

ومن أهم هذه المقومات توافر المواد الأولية المتمثلة في الغاز الطبيعي والمشتقات النفطية بأسعار تنافسية وسوق يتميز بارتفاع معدلات الاستهلاك علاوة على الموقع المتميز بين الشرق والغرب.

لذا فإن هذه الصناعة ستتيح فرص عمل جيدة في الدول العربية وخصوصاً الدول الخليجية وبالأخص المملكة العربية السعودية على نحو يجعلها أرض الفرص الواعدة، حيث تحتل السعودية المقدمة في هذا المجال بنسبة 60 في المائة من إجمالي الإنتاج القائم في منطقة الشرق الأوسط.

ولما كانت هذه الصناعات البتروكيماوية قد ساهمت خلال العقود الأربعة الماضية في تنمية ونهضة جميع مرافق الحياة في معظم الدول الصناعية العظمى التي استطاعت تسخير هذه الصناعات لخدمة النمو الاقتصادي, لذا وجب على المملكة التوسع الشامل في هذه الصناعات للحاق بركب الثورة الصناعية وأن تتبوأ مكانتها وتصبح على رأس هذه الدول الصناعية العظمي خاصة وإنها تمتلك كل المقومات المؤهلة لذلك.

وحيث إن الصناعات البتروكيماوية تعد من الصناعات الرئيسة والكبرى التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة وتستخدم تقنيات متقدمة وتعتمد على الغاز الطبيعي في المقام الأول ومشتقات النفط كمواد أولية يتم تكسيرها لاستخلاص مواد بتروكيماوية منها تستخدم في صناعات عدة.

كما أن الصناعات البتروكيماوية تتميز بمردودٍ اقتصاديٍ عال؛ إذ إن أسعار البتروكيماويات تفوق أسعار النفط الخام بمقدار يزيد على سبعة أضعاف بالنسبة إلى البتروكيماويات الأساسية، ويزيد بمقدار عشرة إلى 100 ضعف للبتروكيماويات الوسيطة وبنسبة 30 إلى 500 ضعف بالنسبة إلى البتروكيماويات النهائية.

لذا فلا بد أن تشهد صناعة البتروكيماويات الحالية تغيرات هيكلية جذرية تتعلق بخامات التغذية والنواحي الجغرافية والسكانية؛ حيث إن العالم يشهد تحولاً جوهريا يتطلب العمل والتخطيط لمقابلة الطلب العالمي على المنتجات الكيماوية.

9- تعد السعودية لاعباً رئيسياً في صناعة البتروكيماويات العالمية، وهي تستحوذ على 75 في المائة من إنتاج البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي, هذا إضافة إلى أنه يتم تصدير جزء كبير من إنتاجها إلى الخارج, إلا أن ذلك يمثل نسبة ضئيلة جدا من تداول الصناعة البتروكيماوية العالمية, وبالرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية فإن صناعة البتروكيماويات ستتعافى سريعاً وتزدهر وتتطور في المستقبل القريب لأن البتروكيماويات هي أساس لكثير من الصناعات التحويلية التي لا يستغني عنها المستهلك، خاصة إذا تطورت ودخلت في صناعات جديدة في السعودية، ومن المتوقع أن يزيد الطلب عليها ابتداءً من نهاية عام 2009.

لذا وجب على المملكة الدفع باستثمارات ضخمة في هذا المجال على المدى العاجل والمدى الآجل.

القوة الشرائية ومعدل الاستهلاك

مع وجود نظرة تشاؤمية حول المستقبل القريب إلا أن هناك نظرة تفاؤلية حول المستقبل المتوسط، وطويل المدى.

وحيث إن هذه الصناعة مؤشر جيد عن مستوى الرخاء، أو الركود الاقتصادي، فكلما تحسنت القدرة الشرائية للفرد، فهو متوقع منه أن يشتري مزيدا من المنتجات الاستهلاكية التي تشارك البتروكيماويات بنصيب الأسد منها.

ولما كان وضع المملكة التنافسي من حيث توافر خمسة أنواع من الغاز، وموثوقية توافر المواد، والسياسة الرسمية المعلنة بتوجيه الغاز للتصنيع المحلي، ووجود الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والتمويل الميسر من صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الصناعي، كلها عوامل تصب في صالح التنافسية السعودية بين الدول المنتجة الأخرى في حين تتصف الصناعات المنافسة في اليابان، وأمريكا، والاتحاد الأوروبي بعدم كفاءتها، وارتفاع تكلفتها، وعدم توافر المواد الخام المحلية لها.

لذا وجب على المملكة انتهاز هذه الفرصة للاستحواذ على نصيب الأسد من الصناعة العالمية للبتروكيماويات لتغزوا منتجاتها كل الأسواق العالمية.

وتتركز الصناعة البتروكيماوية السعودية بصفة أساسية في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين.

كما تتمتع صناعة البتروكيماويات في المملكة بميزة تنافسية طبيعية وذلك لتوافر المواد الأولية منخفضة التكلفة بفضل موارد النفط والغاز الطبيعي الهائلة.

كما أن سعر الغاز الطبيعي المستخدم في الصناعات البتروكيماوية في المملكة لا يتعدى 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.وهذا يوفر فرصة جيدة للمنافسة في هذه الصناعة.

وحيث إنه حتى عقد السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، كان اقتصاد السعودية يعتمد على سلعة واحدة هي البترول. وقد كانت السعودية بوصفها دولة طموحة في حاجة ملحة لتنويع اقتصادها المعتمد على البترول بإنشاء قاعدة راسخة للصناعة الحديثة، ولذلك فقد سعت إلى تنويع مصادرها من الدخل.

فإضافة إلى البترول، تمتلك المملكة العربية السعودية احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج البترول وغير المصاحب له تقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعب، وأعتقد أن الرقم الحقيقي أكبر بكثير من هذا إذا ما تم تقييم دقيق لاحتياطيات الغاز في المملكة في كافة مناطقها.

هذا وقد أصبح الغاز الطبيعي العنصر الرئيسي في خطط التصنيع الوطنية، حيث يوفر المادة الخام الأساسية والوقود لمجموعة من مجمعات البتروكيماويات التي تطبق أحدث التقنيات العالمية، تساندها أرقى مرافق البنية الأساسية.

وقد استثمرت السعودية جزءا من مواردها المتاحة من الغاز الطبيعي لدفع برنامج تصنيع جريء، وحققت نجاحاً في مجال البتروكيماويات، قادته الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، التي أصبحت اليوم من مصدري البتروكيماويات في العالم.

وقد نجحت شركة سابك في تحقيق مجموعة من الأهداف وهي إضافة القيمة للميثان والإيثان اللذين كان يتم حرقهما، وإنتاج كيماويات، ومواد لدائنيه، وأسمدة ومعادن عالية القيمة.

وكذلك استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء والمياه العذبة وحماية البيئة من التلوث وتنمية الصناعات التحويلية بتوفير المادة الخام والخبرة وإعداد جيل جديد من المديرين والفنيين السعوديين.

لذا وجب على المملكة زيادة الاستثمار في مجالات استكشاف الغاز وإنتاجه وتصنيعه بتروكيمياويا وفي شتى مرافق الدولة من محطات طاقة إلى كل النواحي الاستهلاكية الأخرى لأفراد المجتمع.

الاستثمارات الجديدة

ومع أن بعض المسؤولون في صناعة النفط قال إن محدودية إمدادات الغاز ستفرض قيوداً على قطاع البتروكيماويات سريع النمو في المملكة ما لم يتم توفير مزيد من الغاز في السنوات القليلة المقبلة، إلا أن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لديها مشاريع للتوسع محليا بمليارات الدولارات كما أن شركة أرامكو السعودية للنفط تعمل على دخول قطاع البتروكيماويات إضافة إلى تزايد الشركات الخاصة.

كما أن بعض المسؤولين قالوا إن القطاع ما زال في طور النمو ومن المحتمل أن يستمر في النمو لسنوات عديدة مقبلة، لكن نقص إمدادات الغاز المستخدم في صناعة البتروكيماويات قد يكبح نموها وإنه من المتوقع زيادة الطلب على الايثان بحيث إنه سيتضاعف بحلول عام 2010 إلى 1.4 مليار قدم مكعب يومياً.

أي أنه بدون الغاز لا يمكننا التقدم وتطوير مزيد من المشروعات وسيكون هذا هو العامل الحاسم للصناعة في السعودية. وقد أصدرت المملكة تراخيص لأربعة مشروعات عالمية مشتركة للبحث عن الغاز في صحراء الربع الخالي ويجب على المملكة زيادة الاهتمام بالتوسع في استكشاف الغاز وإنتاجه لمواجهة هذا الطلب المتزايد.

14- ولما كانت اللدائن عنصراً متزايد الأهمية بالنسبة لمستوى المعيشة العالمي فقد قامت شركة سابك بجهد وافر في إنتاج البوليمرات وكثفت جهودها في إنتاج اللدائن حيث تنتج كثيرا من أنواع اللدائن الحرارية مثل البولي إثيلين منخفض الكثافة الخطي والبولي إثيلين عالي الكثافة والبولي إثيلين منخفض الكثافة، والبولي بروبيلين والبولي ستايرين وبولي كلوريد الفينيل وترفتالات البولي إثيلين، والبوليستر إضافة إلى الميلامين وجلايكول الإثيلين والميثانول ومثيل ثالثي بوتيل الإيثر والأسمدة، والأوليفينات والمركبات العطرية والمسيلات والمطاط الصناعي ورقائق أفلام التعبئة والتغليف، واللدائن، والشحوم الصناعية وخامات التغذية الأساسية ومضافات الوقود وزيوت التشحيم وتصنيع مواد بلاستيكية قوية ومرنة متعددة الاستخدامات وتراوح الاستخدامات من مواد صلبة مثل البرادات، وأجهزة الكمبيوتر، وقطع غيار السيارات، إلى مواد لينة مثل الألياف المرنة المستخدمة في صناعة حفاظات الأطفال.

لذا وجب على المملكة ضخ مزيد من الاستثمار في هذا المجال واستحداث شركات أخرى للمنافسة والارتقاء أكثر بالجودة لغزو السوق العالمي والتربع على عرشه في هذا المجال.

15- إن ازدحام الطرق المؤدية إلى المدن الصناعية له تأثير في المصانع من ناحية سرعة وسهولة إيصال المنتجات إلى العملاء ما ينعكس سلباً على العملية الإنتاجية.

كما أن الخلل الذي يصيب قطاع الكهرباء يكون أثره واضحاً في الصناعة من الناحية السلبية، مما يؤدي إلى عدم الانتظام في العملية الإنتاجية مما ينتج عنه هدر في المنتج يسبب خسارة للمصانع.

لذا يجب على الدولة ضخ مزيد من الاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية لتوفيرها لهذه المصانع والمدن الصناعية الجديدة المزمع إنشاؤها اعتمادا على قطاع الغاز الواعد في المملكة.

كما يجب شق طرق جديدة وتحويلات خاصة بالمصانع في الأماكن المزدحمة مروريا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي