شباب حائل .. نموذج للتفاؤل
انتشرت في وسائل الإعلام هذا الأسبوع قصة إنقاذ السيدة التي كانت داخل سيارة وسط أحد سيول منطقة حائل، وقد قام أحد الهواة بتصوير عملية الإنقاذ التي قام بها ثلاثة من شباب المنطقة كانوا موجودين في منطقة الحادث، وقد تم تكريم الشباب من قبل وزارة الداخلية وتعيين اثنين منهم في الدفاع المدني، وتكريم الثالث – موظف - كما قدمت لهم مكافآت مالية من قبل ولي العهد.
والذي يشاهد المقطع المصور للحادثة يعجب فعلاً من شجاعة الشباب وجرأتهم في إنقاذ السيدة كما يعجب من وجود ذلك العدد الكبير من المتفرجين الذين كانوا على جانب الطريق وأمامهم السيل، وكنت أقول لمن حولي وأنا أشاهد ذلك المقطع ماذا لو تدافع الموجودون لمشاهدة الحادث وسقط بعضهم في السيل أثناء المشاهدة والتجمهر، لتحول الموضوع من مشهد بطولي إلى كارثة إنسانية.
وعلى الرغم من اقتناعي الشخصي بما قام به أبطال حائل من تصرف لإنقاذ نفس بشرية وحجم المخاطرة الذي كان موجوداً أثناء عملية الإنقاذ إلا أن الحدث بشكل عام يدعو للتفاؤل، وهي محنة قدمت لنا منحة وتفاؤلا في أبناء الوطن وعرضت لنا صورة مشرقة كنموذج يبعث الأمل في نفوسنا أن هناك مايستحق أن نشيد به وأن نفتخر بوجوده.
في المقابل فإن تصرف المنقذين وتصريحاتهم لوسائل الإعلام بعد عملية الإنقاذ بأن ماقاموا به كان بدافع إنقاذ نفس بشرية ولم يفكروا فيما قد يتعرضون له من مخاطر هو بلاشك عمل بطولي رائع يستحقون من أجله كل تقدير وتكريم.
إن ما قدمه هؤلاء الشباب يعد نموذجا من نماذج الحب والتضحية والفداء لهذا الوطن وأبنائه، وهذا دليل يضاف إلى العديد من الأدلة التي نشاهدها كل يوم والتي تؤكد لنا أن في وطننا شباباً واعداً متميزاً قادراً على تحمل المسؤولية حريصاً على مصلحة وطنه وأبنائه.
كما كان موقف وزارة الداخلية هو الآخر موقفاً نموذجياً فيه تأكيد أن هذا الوطن ومن فيه من مسؤولين يقدرون المواقف الإيجابية ويعتزون بأصحابها ويقدرون أعمالهم التي يقومون بها، وقد كان من الممكن أن تمر مثل هذه الحادثة كغيرها من حوادث الإنقاذ التي قد يقوم بها بعض المتطوعين عند حدوث بعض الكوارث لكن وزارة الداخلية حرصت على أن تكون لها وقفة مع هذا الحدث من خلال تعيين هؤلاء الأبطال في قطاع الدفاع المدني، كما حرص ولي العهد على مكافأتهم، وفي ذلك إشارة إيجابية مميزة تؤكد حرص المسؤولين على أن يقولوا للمحسن أحسنت مثلما يقولون للمسيء أسأت.
إن في شباب هذا الوطن نماذج مضيئة وفيهم جواهر ثمينة لا تقدر بثمن لا يحتاجون إلا إلى أن تقدم لهم الفرصة ويعطون الثقة ومن ثم هم قادرون على أن يفعلوا المستحيل ويصنعوا العجائب.
يجب أن نستفيد من الموقف البطولي لشباب حائل في أن نصحح النظرة السلبية التي يحاول البعض نشرها عن شبابنا وعن تصرفاتهم وسلبياتهم وعن إنتاجيتهم، ونؤكد أن مجتمعنا لا يختلف عن باقي المجتمعات فكما أن هناك السيئين فهناك المتميزون وكما أن هناك الأشرار فهناك الأخيار وكما أن هناك نماذج تسيء إلى مجتمعنا فهناك نماذج يفتخر المجتمع بها ويعتز بوجودها.
يبقى دورنا الأساسي في كيفية العمل على زيادة الفئة المتميزة وتحفيزها وتطويرها وإصلاح الفئة السيئة ووضع العلاج اللازم لما تعانيه من جوانب ضعف أو نقص وهذا الدور هو دور تكاملي لا ينحصر في جهة بعينها بل يجب أن تتضافر الجهود مجتمعة من أجل تحقيق هذا الهدف السامي، فإن صلاح الأفراد هو صلاح للمجتمعات ونماء للوطن.