لماذا لا يطور صندوق الاستثمارات العامة مخططات المنح؟

في العاصمة الرياض توجد مخططات كاملة لا تتوافر فيها الخدمات الأساسية مثل السفلتة والإنارة والكهرباء والمياه والهاتف والصرف رغم توزيعها منذ سنوات طويلة على المواطنين وهي ما اصطلح على تسميتها بمخططات المنح مثل الأمانة والقيروان وعريض ونمار وغيرها، فالذي تغير بعد توزيعها على المواطنين هو انتشار مكاتب العقار التي تضارب في تلك القطع منذ مدة طويلة رغم أنها غير قابلة للاستخدام السكني.
والحالة تلك ليست مقصورة على مدينة الرياض وحدها فأكثر مدن المملكة يوجد بها مخططات للمنح لا تتوافر فيها الخدمات الأساسية التي تكفل الاستفادة منها، خاصة أن أسعار تلك الأراضي في متناول يد شريحة واسعة من المواطنين الباحثين عن السكن، وفي رأيي أن الغرض من توزيع تلك المخططات هو مساعدة آلاف الأسر في بناء مساكن لهم لكن هذا الهدف لم يتحقق وأصبحت تلك المخططات هدفا للمضاربين من العقاريين الذين يقتنصون الفرص وحاجة أصحابها لتحقيق الأرباح.
في المتوسط تبلغ تكاليف تطوير المتر الواحد 25 ريالا وتشمل التسوية والسفلتة والإنارة والمياه وهي خدمات كافية للاستفادة من تلك المخططات أي أن الأرض التي تبلغ مساحتها مليون متر سيكلف تطويرها 25 مليون ريال، وعلى هذا، فإن تطوير جميع مخططات المنح في المملكة لن تتجاوز مبلغ ملياري ريال، وهو مبلغ متواضع قياسا بأهميته، ولن يكون مكلفا على ميزانية الدولة التي لا أعلم حتى الآن الأسباب الحقيقية لعدم تطويرها.
وإذا كانت وزارة المالية غير مستعدة لتوفير البنود اللازمة لتطوير مخططات المنح، فإن صندوق الاستثمارات العامة مؤهل للاستثمار في تطويرها وتحميل تكلفتها على راغبي الحصول على رخص بناء، أقول ذلك لأني أعلم أن التكلفة التي يمكن أن يدفعها صاحب الأرض التي تبلغ مساحتها 500 متر مربع عند رغبته في بنائها لن تزيد على 30 ألف ريال يدفعها لصندوق الاستثمارات العامة قبل الحصول على رخصة البناء وهو مبلغ يمكن أن ينخفض إذا ما تحملت الدولة جزء من تكاليف التطوير، المهم هنا أن يستفاد من تلك المخططات في بناء مساكن، فلا فائدة من بقائها حتى اليوم دون خدمات بينما هناك الآلاف لا يستطيعون شراء أراض لبناء مساكنهم الخاصة عليها.
وإذا كانت هذه الفكرة لتطوير مخططات المنح قابلة للتنفيذ وهو ما أعتقده، فإن المبادرة بتبنيها ومتابعتها حتى يكتمل التنفيذ هو الأهم، وهو ما أتمنى قيام وزارة الشؤون البلدية والقروية به في المرحلة المقبلة، خصوصا أن هناك توجها قويا من قبل الدولة في توفير مساكن لشرائح المجتمع كافة.
ومثل مخططات المنح هناك أفكار مماثلة لتطوير المدن الصناعية التي نحتاج إليها لتحقيق التنمية الاقتصادية التي تعد من أهم أهداف الخطط التنموية للمملكة، والتي لا تستطيع هيئة المدن الصناعية توفير الأموال الكافية لتطويرها.
المبادرة أساس النجاح لتحقيق الأهداف المرسومة، لذا نجد أن منشآت القطاع الخاص تتفوق على أجهزة الدولة في سرعة عمليات التطوير والتوسع، بينما تواجه معظم الأجهزة الحكومية عقبات بيروقراطية تحد من سرعتها في تحقيق أهدافها رغم أهميتها.
أعود لصلب الموضوع وهو الاستفادة من صندوق الاستثمارات العامة في إطلاق مبادرات إيجابية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل المملكة مثل قرار الاستثمار في التمويل العقاري للمساكن الذي يتوقع أن يمكن آلاف الأسر من امتلاك مساكن، وسيحقق للصندوق أرباحا جيدة تفوق ما يحصل عليه حاليا من طرق الاستثمار التقليدية، كما أن تمويله لبعض مشاريع القطاع الخاص يعد خطوة في الاتجاه الصحيح لدعم ومساعدة منشآته.
أتمنى أن يعاد النظر في استراتيجية الاستثمار المتبعة في الصندوق، حيث يخصص للاستثمار داخل المملكة مبالغ إضافية تساعد على التسريع في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وتحقق للصندوق عوائد مجزية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي