رسالة إلى ملك الإنسانية

الجمعيات الخيرية والأزمة المالية
مولاي خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ لقد عودتمونا على أن نطلق لأقلامنا العنان وأن نكتب بإحساس الجميع من أجل مصلحة المواطن والوطن.
المملكة العربية السعودية يا مولاي من الدول الرائدة في مجال أعمال الخير والبر، وقد انتشرت الجمعيات الخيرية في طول البلاد وعرضها.
 في ظاهرة تنم على حب أهل هذه البلاد وقياداتها عمل الخير ومساعدة الفئات الضعيفة والمعوزين من الناس. هذه الجمعيات تصرف شهريا ما يقارب 50 مليون ريال شهريا على المحتاجين من أيتام ومرضى ومعوقين وفقراء ومساكين وغيرهم من أصحاب الظروف الخاصة وبجهود ذاتية من تبرعات المحسنين وصدقاتهم إلى جانب استثمارات تلك الجمعيات المالية, لقد نجحت هذه الجمعيات على مدى 30 سنة الماضية على تحسين أحوال الناس الاجتماعية, الأمر الذي يدل أن هناك من لديه الاستعداد للعطاء وبذل الأموال ودعم مجالات الخير والبر الكثيرة, وكل ذلك من الأمور التي تحسب لهذه البلاد. وقد ساعدت هذه الجمعيات على الحفاظ على لحمة المجتمع ونسيجه من خلال هذا التكافل الذي يجسد المبادئ الإسلامية الأصيلة في التعاون على البر والتقوى, وأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. كما أسهمت هذه الجمعيات في تخفيف العبء على وزارات حكومية معنية بشأن سلامة المجتمع كوزارة الشؤون الاجتماعية وشاركتها في تحمل المسؤولية وسد الثغرة وتوظيف الأموال في اتجاه المحتاجين والمعوزين والفئات الضعيفة في المجتمع.
والدولة ـ أيدها الله ـ لم تقصر في هذا الجانب, بل باركت ودعمت بشكل كبير هذا الاتجاه الخيري في المجتمع من خلال حرصها على منح التراخيص لهذه الجمعيات لممارسة دورها وكذلك متابعة أعمالها حرصاً على التوظيف الأمثل للأموال وإيصالها لمستحقيها.
لكن اعتماد هذه الجمعيات على ما تجود به الأيادي البيضاء من أهل الخير جعلها عرضة لظروف هؤلاء المعطين التي إن كانت مواتية في زمن فقد تعتريها عوادي الزمن الصعب فيقل العطاء ويتأثر المحتاجون وتختل البرامج وتظهر الفجوات فيعود الفقر والحاجة لتطل برأسها من جديد. وقد تأثر كثير من الجمعيات الخيرية بهذا التراجع في دعم الداعمين الذين لم يقصروا عندما كانت الأمور حسنة، أما وقد تأثروا هم أنفسهم وشحت السيولة المالية في أيديهم نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع لقد انعكس ذلك سلباً على أداء الجمعيات الخيرية والتزاماتها تجاه المحتاجين، بل إن بعض الجمعيات انخفض مستوى أدائها إلى أقل من النصف وربما أقل من ذلك كثيراً.
ولا شك أن الظروف الحالية التي تمر بها الجمعيات الخيرية تتطلب التفاتة حانية من الدولة لتتجاوز هذه الظروف على الأقل في عام الأزمة المالية الحالية. ولا شك أن قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها ملك الإنسانية ملك الخير في بلاد الخير خادم الحرمين الشريفين لم تفت عليه هذه الأمور فهو ـ حفظه الله ـ يدرك من خلال متابعته لأمور شعبه ما يحدث وهو الحريص ـ أطال الله عمره ـ على استمرار الجمعيات الخيرية على القيام بواجبها تجاه الفئات المحتاجة وتنمية ثقافة البذل والعطاء والتكافل في المجتمع السعودي، إن هناك الكثير الذي يمكن للدولة القيام به لنجدة هذه الجمعيات ودعم ميزانياتها من الصناديق المالية الخيرية. الجمعيات الخيرية يا مولاي على ثقة تامة بأن هذا الأمر سيجد الاهتمام الشخصي من مقامكم الكريم حتى تتجاوز هذه الجمعيات الظروف الحالية حتى لا ينقطع نبع الخير في هذه البلاد المباركة. والله من وراء القصد.
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي