ما الجديد في أنفلونزا الخنازير؟

في عام 1918 قتلت الإنفلونزا أكثر مما قتل من الجنود في الحرب الكونية، التي سمعنا خبرها من جداتنا عن (سفر بلك!) ولم نرها ونعاينها ـ لحسن الحظ ـ ولكن عرفنا الكثير من قصص الجنود، الذين تركوا بيوتهم للجبهة العثمانية ولم يعودوا قط؟
وحاليا يخشى العلماء أن يحدث سيناريو مخيف أشد مما حدث في عام 1918؟
ويقولون إن إنفلونزا عام 1918 بدأت أيضا ناعمة لطيفة، لتنقلب وحشا كاسرا، يستيقظ فيه الناس وهم يضحكون، وفي الظهر يتعبون، وفي المساء إلى المقابر يدلفون.
ورأيت أنا شخصيا فيلما مروعا عن الجائحة، وفي ذروة المرض، مات في مدينة بوسطن وحدها وفي شهر واحد 11 ألف إنسان!
ويقدر العلماء أن فيروس إنفلونزا الخنازير يمتاز بخلطة تفجيرية فظيعة من تراكيب بضع قطع من فيروسات شتى، بين الإنفلونزا البشري وإنفلونزا الطيور وخنازير أمريكا وأوراسيا.
ومن مخاطر هذا المرض أنه يحتضن على ما يبدو في الأغشية المخاطية عند الخنازير قبل أن يبدأ في الانتقال إلى البشر، ثم يقفز من البشر إلى البشر وعن طريق التنفس!
وفي الحقيقة، فإن كثيرا من الناس يقرؤون هذه المعلومات مثل الطلاسم فوجب التوضيح والتبسيط من عدة زوايا.
وأولها: ما الفيروس؟ وثانيها: أين يقع في سلم الخلائق؟ وثالثها: كيف ينفجر المرض؟ وما أسسه الفلسفية؟ أي ما الذي يجعل فيروسا خاملا نشيطا عدوانيا فتاكا، مثل أي إنسان يعيش بسلام، ثم وفجأة يبدأ في الجنون!
إن كارثة عام 1918 التي أودت بحياة 50 مليونا من الأنام، يمكن أن تتكرر على شكل أبشع في سيناريو المرض الحالي ما يسمونه النموذج الخامس؛ فتتشكل قنبلة فيروسية اسمها السوبر فيروس فتضرب بالجائحة، وعندها تتخلخل مفاصل المجتمع.
وحاليا، فإن المتوقع لهذه الجائحة أن تضرب الاقتصاد العالمي، بما يقترب من زلزال الرهن العقاري في أمريكا مع خسارة ثلاثة ملايين مليون دولار!.
في عام 1918 لم يعرف العالم كيف بدأ المرض؟ ومن أين جاء؟ وكيف انتشر؟ وكيف اختفى في النهاية؟ فكله بقي سرا مغلقا حتى جاء المجهر الإلكتروني فأحصى المسألة عددا وفك أسرار مغاليقها، ونحن نعلم اليوم عن الفيروسات أمورا أقرب للسحر والجان، وأولها أن الفيروس لا يعتبر حيا ولا ميتا، أو هو بكلمة ثانية الميت الحي؟ أي هو الجسر الذي يخرج فيه الحي من الميت والميت من الحي ! فتبارك الله أحسن الخالقين.
وتبقى فلسفة المرض مجهولة إلى حين، وحاليا يراهن العلماء على الأغشية المخاطية عند الخنزير، تلك التي تتحول إلى ما يشبه مختبر التفاعل، في دمج مكونات وراثية بعضها ببعض لإنتاج فيروس إنفلونزا الخنازير القاتل.
وحين انفجر مرض الإيدز ذهل العالم من تقلب الفيروس وعدم ضبطه في لقاح وعلاج، وما زال المرض ساري المفعول حتى اليوم، فليس في الأفق من علاج ولقاح. ويسري نفس الشيء على إنفلونزا الخنازير فهناك دواء التاميفلو ورلينسيا، ولكنه ليس ذاك الدواء النوعي.
ومظاهر المرض تراوح بين السعال والحرارة والضنك، وأذكر أيضا أنني في سفري للمغرب مررنا في حاجز يحبس الحرارة ليعرف هل من مريض مرتفع الحرارة حتى يتم عزله. وبهذه الطريقة يتم مطاردة المرض في القارات الست. وبسبب تحول العالم إلى ديجيتال متداخل؛ فإمكانية أن يضرب المرض فيحصد أرواح الكثيرين وارد! حتى بأرقام فلكية من درجة الملايين!
المهم لنضع المبدأ الفلسفي نصب أعيننا: تفاءل بالأفضل واستعد للأسوأ..
وهذا يعني أن الجنس البشري مهدد بأخطار شتى والكرة الأرضية التي نعيش فيها ليست مكانا آمنا بحال، ونحن كائنات هشة يفترسنا المرض ويطوينا الموت فلا تسمع لهم ركزا..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي