ما الفرق بين الأمن والطمأنينة؟ المترادفات الخمسة
إن المجتمع الذي يتحرر من الخوف والجوع لا يشترط فيه أن ينال الطمأنينة.
ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
ولكن السؤال ما الفرق إذن في المركب الثلاثي للمجتمع التوحيدي الرائع بين كلمتي (آمنة) و(مطمئنة)؟
هنا أسعفتني مدرسة علم النفس الإنساني أن الأمن اجتماعي، والطمأنينة فردية، وهنا أشعت آيات قرآنية بمعناها حين سلطنا عليها ليزر العلوم الجديدة، في عديد من مواضع القرآن ، في حواري عيسى وهم يطلبونها مع تنزيل المائدة نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين. وفي إبراهيم يطلب دليل النشور فيأتيه الجواب بالطيور وهن صافات يقبضن وهو يقول ولكن ليطمئن قلبي. وفي المؤمنين يواجهون الموت في المعركة ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم. وفي الآية الجامعة أن تلك الطمـأنينة هي مع ذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب. ولا يزال الإنسان يكدح ويغالب النفس الأمارة بالسوء، مقتحما لجج النفس اللوامة، ليرجع إلى الله في النهاية بالنفس المطمئنة تدخل جنة ربها رضي الله عنه ورضت عنه.
هكذا أمسكت بالسر أو هكذا أزعم، وهو ما عانيته في المجتمع الألماني الذي عشت فيه طويلا، وحين كنت أسألهم وأراقب كالحة وجوههم خاصة مع يوم الأحد بعد الظهر، قالوا لي إنها متلازمة يوم الأحد (Sonntag - Syndrome ) فلا الإجازة تريحهم، ولا العمل يسعدهم، فهم يفرون من أنفسهم، وما هم ببالغي ذلك.
فهكذا يجب النظر إلى الغرب أنه ليس ذلك النموذج المشرف أو الذي يمنح الطمأنينة، وبالمقابل فليس العالم الإسلامي بذلك النموذج المشرف، فلا بد من توليد نموذج جديد.
حين طبق هرم ماسلو أو الطبقات الخمس؛ فهو أخيرا ينتهي أي الهرم بأنف مدبب صغير سماه ماسلو تحقيق الذات Self – Actualization وقال عنها إن 1% فقط من البشر من يملك قدرة تحقيقها، وهنا قفز أمامي فورا نموذجين من الحديث والقرآن، فأما الحديث فهو الذي يشير إلى نوعية البشر على شكلين: تجدون الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، في تمثيل فيزيائي، ثم بيولوجي إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة!.
أي نرجع إلى نسبة ماسلو 1% وينطبق هذا أيضا على الذين قاتلوا مع طالوت وداوود، فابتدأوا لحملة حماس ولهدف واضح يطلبون من نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه في سبيل الله، وبهدف واضح وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا!.
ثم تتساقط الجموع وتتهاوى في ثلاث اختبارات؛ أولا لما كتب عليهم القتال وانتقلوا من مرحلة الحماس والكلام إلى الفعل والتجنيد الصارم! والثاني مع العطش واستقبال النهر البارد محرما عليهم أن يذوقوا إلا غرفة باليد! والثالث مع المواجهة الفعلية لجنود يملأون الأفق أمامهم!
وبذلك سقط مع الاختبار الأولى 90% ليكتمل من العشر المتبقي عشره أي نسبة واحد بالمائة تلك التي أشار إليها الحديث، أي قانون 1%.
فلم يبق في النهاية مع داوود إلا فئة قليلة وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين، وهو مثل تكرر في معركة جواجاميلا حين قابل الإسكندر بـ 47 ألف جندي أكثر من نصف مليون من جند داريوس، فهزموهم بإذن الله، وآتى الله إسكندر الملك، وعلمه على يد أرسطو ما يشاء، ووضع يده على خزائن برسيبوليس فأخذ 180 ألف تالنت من الذهب ما قيمته مائة مليار يورو هذه الأيام. ثروة الإمبراطورية التي حكمت 25 دولة.