استشاري علم الطب النووي.. وطاقية وزارة العمل

نشرت بعض الصحف لدينا منذ شهر تقريبا وفي زوايا صغيرة خبرا مهما لم يتم التعامل معه بقدر أهميته فقد كرمت هيئة الممتحنين الأمريكية وهي هيئة تمنح البورد الأمريكي للطب النووي ويمثلها 12 عضواً يمثلون كلاً من الهيئات الأمريكية من كليات الطب النووي وجمعية الطب النووي والكلية الأمريكية للطب النووي المقدم الدكتور أحمد معطش العنزي استشاري علم الطب النووي في مستشفى القوات المسلحة بالرياض وذلك لحصوله على البورد الأمريكي في علم الطب النووي. وقد أشادت بإنجاز الدكتور العنزي كأول باحث على مستوى الولايات المتحدة يجتاز اختبار التخصص الدقيق وهو علم التشخيص الجزيئي، حيث يعتبر هذا التخصص أحدث التخصصات الفرعية لعلم الطب النووي والذي يهتم بتشخيص الأورام في مراحل مبكرة مما يساعد في التشخيص الدقيق والعلاج المبكر, هذا الإنجاز لو كان في مجال السينما لنشر عنه في الصفحات الأولى لأننا نجد الآن أن هناك حرصا من البعض على تمجيد السينما وكأنها نصر علمي أو فتح سيغير وجه الوطن ويستمطر العلوم والمعارف والرقي الحقيقي!
ويتحدثون عنها وكأنها ستعالج المشكلات ومن خلالها تأتي المعجزات! وهم يعلمون أن السينما الآن ومن تجارب الدول المجاورة هي نقلا لمجاري المدينة وتصويرا سيئا وإباحيا للعلاقات غير الشرعية وتعليما لآلية الجرائم بأنواعها إلا القلة النادرة جدا وهذه القلة ليست إنتاجا عربيا بل أجنبي ولديه أجندته الخاصة. وكما ذكرت إحدى الأستاذات في علم الاجتماع في دولة عربية أن السينما لم تحل أي مشكلة سواء للمرأة أو للمجتمع بل عرضتها فقط وهذا العرض يسيء لمنظومة القيم والأعراف في أي مجتمع عربي خصوصا في ظل النداءات الإباحية التي تثار عالميا بحرية التعبير وحرية المعتقد!
ومن ينادي بها لدينا ينسون أن أي مجتمع مسلم له شروطه للحياة التي تفرض على الجميع الطاعة لها وليست هذه الطاعة تأتي من باب سيادة الدولة فحسب بل من شرع الله سبحانه وتعالى وتعاليم الدين الإسلامي الذي يحرم الكبائر وما يوصل إليها ويشجعها.
الدكتور أحمد معطش العنزي استشاري علم الطب النووي في مستشفى القوات المسلحة بالرياض, ليس لاعبا للكرة وفاز في أحد الدوريات الكروية. لهذا جاء الخبر عن إنجازه متواريا ولم يحرص أي صحافي أن يجري معه لقاء ليتحدث عن إنجازه فيكون نموذجا علميا يحتذي به الشباب على مقاعد الدراسة, وهو ليس من أبطال (ستار أكاديمي)! كي يتابعه الملايين ويصوتوا له ولتفاهته!
الدكتور أحمد معطش العنزي الاستشاري في علم الطب النووي, لم يؤلف رواية خارجة عن المألوف وكسرت التابو! كما يردد الناعقون تهليلا لكل من يكتب بذاءات تأنف الحيوانات من تجربتها وليس الإنسان السوي فقط! ولهذا حاشاه الله أن تتم استضافته في إحدى القنوات الفضائية التي تستمطر الإعلانات لبرامج من هذا النوع.
هذا العالم في تخصصه لا تنطبق عليه الشائعات التي يرددها بعض من أخفقوا في القضاء على بطالة الشباب فادعوا أن الشباب السعودي كسول ولا يرغب في العمل الجاد, ويبحث عن الراحة!
هذا هو ابن هذا الوطن الذي عندما أتيحت له الفرص لم يبخل وتميز وأنتج وعاد مرفوع الرأس بعلمه حتى لو لم تسلط الأضواء عليه فهذا النوع من الرجال هم من يضيئون الموقع بوجودهم وعملهم.
ترى كم عدد من هم في حماسة وتعطش الدكتور أحمد لخدمة هذا الوطن ولكنهم يقفون عاجزين أمام تحقيق طموحاتهم لأن هناك من لا يرى فيهم أي قدرة إلا للعمل سائقي أجرة أو سفرجلية، وأخيرا تكرموا عليهم بتميز جديد هو التخصص في علم الهامبورجر؟!
العمل ليس عيبا ولكن العيب في أن نغلق جميع الأبواب المشرعة لغير السعوديين من جنسيات مختلفة وفي وظائف يستطيع السعودي أن يشغلها إذا أتيحت له الفرص.
وأنا هنا لا أتحدث عن العمالة التي لا تزيد مرتباتها على ألف ريال بل عن أولئك الذين يتقاضون شهريا مبالغ طائلة بخلاف البدلات والأرباح التي تكفي أبناءنا مرتبات لعدد من السنوات! وهم الذين يتحكمون في من يتم تعيينهم ومن لا يتم وهم الذين يحظون بثقة أصحاب المؤسسات والشركات بل بعض القطاعات الحكومية أيضا!
ولقد كتب عديد من المهتمين الحقيقيين بقضية توظيف السعوديين عن هذه المعضلة التي للأسف لم نجد لها بصفتنا مواطنين ولدى معظمنا أبناء يرغبون في العمل ويوعدون به كما جاء في وعد وزير العمل الدكتور غازي القصيبي عند توليه الوزارة بأن تكون البطالة جزءا من التاريخ!
ولم نجد تنفيذا لهذا الوعد بل وجدنا عبارات توقفنا عندها لأنها تحمل تنازلات عن تلك الوعود فتحول إلى القول: (إن السماء لا تمطر وظائف حكومية، داعيا العاطلين إلى البحث عن الفرص الوظيفية التي يحتاجون إليها من التأهيل والعزم والإصرار)!
كيف سيبحث هؤلاء العاطلون عن الفرص الوظيفية؟ وما الوظائف المتاحة لهم؟
فإذا كان نائب وزير العمل يؤكد على أن نسبة البطالة في السعودية ارتفعت ارتفاعا طفيفا بسبب زيادة معدل البطالة بين الإناث التي تزايدت من 24.9 في المائة في صفر من عام 1429هـ إلى 26.9 في المائة في شعبان 1429هـ, لافتا إلى أن معدل بطالة الذكور انخفض خلال الفترة نفسها من 6.9 في المائة إلى 6.8 في المائة. وهو ما تسبب في ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين ذكورا وإناثا من 9.8 في المائة إلى 10 في المائة. ويوضح أن مسؤولية الوزارة تقتصر على القطاع الخاص وبالتالي فإن المواطنين الذين يبحثون عن فرص العمل في القطاع الحكومي لا يمكن لوزارة العمل مساعدتهم لأن هذا خارج اختصاصها, مبينا أن مشكلة البطالة تتمثل في بطالة الإناث، أما الذكور الذين يرغبون في العمل في القطاع الخاص فالوظائف متوافرة ويمكن إيجاد عمل لهم بسهولة. ثم عاد للقول إن بطالة الإناث ترتبط بالظروف الاجتماعية السائدة. وإن القطاع الخاص في المرحلة الاجتماعية الراهنة يجد نفسه أمام معضلة استيعاب النساء السعوديات رغم وجود وظائف كثيرة يمكن للمرأة أن تعمل فيها لكن هذه المسألة تحتاج إلى توافق اجتماعي حول كثير من الأمور التي لا تزال محلا للجدل والنقاش في المجتمع السعودي, مؤكدا أنه من المؤلم أن معظم المتعطلات عن العمل هن نساء عاليات التأهيل. وأوضح أن الجامعيات المتعطلات عن العمل تمثل نسبتهن 78.3 في المائة من مجموع النساء المتعطلات, أما بالنسبة للمتعطلين الذكور فإن الغالبية العظمي منهم لا يزيد تأهيلهم على الثانوية العامة.هذه عبارات نائب وزير العمل ونجد فيها تبريرات غير صحيحة والوظائف المتاحة للنساء (ذوات التأهيل الجامعي) هي بائعات في محال تجارية! فهل هذه هي حلول البطالة؟ وأين الفرص الوظيفية للشباب؟ وأين التدريب والتأهيل الذي نقرأ عنه دائما في تصريحات تثار بين فترة وأخرى؟
** عودة للخبر المفرح عن المقدم الدكتور أحمد معطش العنزي استشاري علم الطب النووي في مستشفى القوات المسلحة في الرياض وذلك لحصوله على البورد الأمريكي في علم الطب النووي. لماذا تفوق؟ وما الفرق بينه وبين من ينتظرون أمطار الوظائف من تحت طاقية وزارة العمل؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي