سلطان بن عبدالعزيز .. أمير يستحق الاشتياق
لطالما تمنيت أن أكون شاعرا, فالشاعر يمتلك الكلمات التي يطوعها لتروي أحاسيسه, ومع أن الكاتب يمتلك الفِكر الذي يصوغ به معانيه, إلا أنه مع ذلك يقصر كثيراً عن محاكاة الشاعر في التعبير العاطفي. هذه الخاطرة تملكت ذهني عندما أردت أن أكتب اليوم عن المشاعر التي تختلج في نفوس الملايين من أبناء المملكة العربية السعودية وهم يتطلعون إلى عودة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز.
أريد في هذا المقال أن أكون عاطفياً بقدر ما أستطيع, ولن أتحدث عن خصال سمو الأمير سلطان أو سجاياه الحميدة, فذلك من باب وصف الشيء بنفسه, ولكن سأتحدث عما نشعر به كمواطنين تجاه الأمير سلطان وما يختلج في نفوسنا من سرور بنجاح علاجه وغبطة بقرب عودته سالماً معافى. كيف لا, ونحن نرى في قادتنا رمز وحدتنا, ونرى فيهم ضمان استقرار أمرنا ومنعة شوكتنا, ونرى قبل كل ذلك فيهم محبتنا كما لو كنا عائلة واحدة, نفتقد بعضنا بعضا. كنت أستعرض مع ابنتي الصغيرة "رند" مقطع فيديو يعرض وصول الأمير سلطان لأغادير المغرب على - اليوتيوب - ورأيت عيني الصغيرة تحمران وتذرفان دمعة سريعة, وعندما نظرتها بتعجب واستفهام, بادلتني نظرة ملؤها العبرات وهي تقول "ليش ما يجي للسعودية". لقد كانت مشاعر الصغيرة أصدق تمثيل لتلك المحبة التي يشعر بها أبناء وبنات هذا الوطن.
نحن شعب تربى على الولاء العاطفي, فولاؤنا لقيادتنا أمر اخترناه برغبتنا لشعورنا العائلي تجاههم, فهم أهلنا, بهم نعتز ولهم نشتاق وعليهم نقلق ومن أجلهم نبتهل ونتضرع لتدوم عافيتهم ونشاطهم, ولا نجد غضاضة في أن نعبر عن ذلك الولاء بما تجود به النفس من مشاعر. وولاؤنا هذا غير منقوص, فليس ولاء التابع المغلوب على أمره, ولكنه ولاء العزيز بأهله, ولاء الانتماء الذي به نعرف أنفسنا أننا سعوديون. هكذا تكونت العلاقة بين الشعب وقيادته, فمن نبع الأصالة العربية تشرب الملوك والأمراء السعوديون محبة شعبهم وتحملوا المسؤولية تجاهه واستنوا الأبوية في معاملته, فالملك عبد الله ـ أدام الله ظله ـ يهرع متفقداً بيوت الفقراء ليطلع بنفسه على معاناتهم ويلمسهم عطفه ورعايته, والأمير سلطان ـ أعاده الله سالماً غانماً ـ وهو في فراش الإعياء يصر على الاطلاع على الاحتياجات والاستغاثات التي يبعثها له الملهوفون والسائلون الذين اعتادوا نفحاته.
إن الاشتياق الذي يبديه أو يخفيه ملايين السعوديين لعودة الأمير سلطان اشتياق مستحق, فالأمير سلطان يمثل ركنا من أركان هوية المملكة العربية السعودية, فمنذ شبابه اليافع كان شخصية نافذة ومؤثرة في مسيرة التنمية في البلاد, ومعظم المواطنين لم يروه إلا مسؤولاً أفنى سنين من عمره في البناء والإدارة والإشراف على خطط ومشاريع أثمرت تنمية في قطاعات النقل والدفاع والتعليم, وعهده الناس محباً للخير معطاء لا يرد قاصدا حتى أصبحت شخصيته لازمة لكل استغاثة, وما تخليه عن نصيب كبير من ثروته ليوقفه على إنشاء مؤسسة الأمير سلطان الخيرية إلا اتباع للنهج الذي وضعه لنفسه حيث كرسها وماله لخدمة وطنه.
نعم نقولها وبلا مواربة أو استحياء إننا مشتاقون لعودة أبي خالد, أعاده الله كما عهدناه رجل الابتسامة العريضة التي تبعث في النفس الطمأنينة والأمل, أعاده الله كما عهدناه رجل المواقف النبيلة والمغيثة, أعاده الله كما عهدناه سلطان بن عبد العزيز.