هل مناخنا الاستثماري ملائم؟
هل مناخنا الاستثماري ملائم للعمل والإنتاج من جميع النواحي؟ وهل الفرصة مهيأة للإبداع وتقديم منتجات وخدمات مميزة من خلال القطاع الخاص؟ وهل الاستثمار في المجالات المختلفة يعطي عوائد مجزية؟ أسئلة كثيرة تدور في الذهن، خصوصا أننا نرى استثمارات كثيرة وفي مجالات متعددة صناعية وتجارية وعقارية تهاجر خارج الوطن!
من واقع الحال أرى أن جميع عوامل النجاح متاحة والمناخ الاستثماري الصحي لدينا مهيأ، والدليل أن هناك كيانات نجحت ومازالت ناجحة وبعضها تجاوز عمرها نصف قرن وبعضها يصنف من ضمن الشركات العالمية الناجحة، وهي مستمرة في التطوير والتوسع وقابلة للتأقلم مع المتغيرات ومتطلبات الاستثمار مهما كان نوعها والعمل فيها مؤسسي بعيد عن الاجتهادات الفردية والشخصية والقرارات المركزية.
والدولة قد عملت على تهيئة هذا المناخ الاستثماري منذ زمن بعيد ومنحت الفرصة للقطاع الخاص ليساهم في التنمية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية وتخصيص بعض القطاعات الحكومية، وكذلك أسهمت في القروض الصناعية والعقارية للشركات والأفراد منذ عقود.
لا ننكر أن هناك بطأ في الإجراءات لدى بعض الدوائر الحكومية بسبب البيروقراطية يكمن خلفها أفراد بحاجة إلى غربلة وتغيير إما لفكرها وإما لتغييرها كليا، ولكنها ليست عائقا كبيرا أمام الاستثمار في الوطن، ولابد أن تتكاتف الجهود لإزالته.
عيون الكثير من الكيانات الشرق أوسطية والعالمية تتجه نحو المملكة بهدف البحث عن فرص استثمارية تجارية وصناعية وعقارية ورؤيتها بعيدة المدى وتعمل بصمت ولم تأت هذه النظرة من فراغ، بل هي النظرة الثاقبة للمستقبل المشرق..
قد تكون المشكلة لدينا في النظرة للاستثمار من جانب ضيق وقصيرة المدى والبحث عن الربح السريع وعدم القدرة على التكيف مع التغيير، وقد كتبت في عدة مناسبات عن المشاريع والمساهمات المتعثرة وشركات المشروع اليتيم وشركات المخطط الواحد ومنذ أكثر من سنتين، وأنا أشير إلى مشكلات هذه الشركات وعددها بالعشرات والتي تأسست ونشأت بين عشية وضحاها وغابت واختفت أسرع مما ظهرت، وهناك الشركات المساهمة والفردية الغذائية والصناعية والتجارية والتي بعضها يعاني منذ عقود من خسائر ومشكلات لا حصر لها ويتغير مجلس الإدارة في الشركات المساهمة، ويأتي آخر ويبقى الحال على ما هو عليه إن لم يكن أسوأ وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء..
تحالف مكون من مالك أرض بور يرغب في تصريفها أقصد بيعها بأعلى سعر وبأسرع وقت! يستعين بمكتب استشارات مالية وهندسية من المقربين وقد يكون هناك بنك حليف يرغب في جزء من الكيكة ويعمل المكتب دراسة مالية وفنية وجدوى اقتصادية في يومين تظهر فكرة لمشروع عملاق لا مثيل له في الشرق الأوسط، وكالعادة مبان وأبراج تجارية وسكنية وشاليهات إذا كانت قريبة من البحر. ثم تجود القريحة بإنشاء شركة مساهمة مغلقة للمشروع رأسمالها بمئات الملايين بأمل طرحها كمساهمة عامة لاحقا ، يبدأ مسلسل صيد المستثمرين والمساهمين بواسطة الدلالين لترويج المشروع في كل منطقة. والأدهى والأمر هو السعي لطلب حلفاء دوليين مستثمرين أو بنوك أو شركات وبالذات الخليجية، وبالمناسبة أصبحت موضة هذه الأيام، علما أن دراسات الجدوى لم تعمل بالشكل الصحيح والتراخيص من الجهات المختصة لم تستكمل والنتيجة كسابقاتها وسننتظر سنتين أو ثلاث لنكتشف فشل المشروع .. ثم سيلقى اللوم على الجهات الحكومية بالتأخير وعدم تهيئة المناخ الاستثماري الملائم ..
المشكلة يا سادة يا كرام ليست مشكلة عدم توافر المناخ الاستثماري بل مشكلة انتفاخ الكروش والبحث عن المصلحة الفردية، والأزمة أزمة فكر استثماري مبني على دراسات واقعية واستثمار طويل الأجل يعود بالفائدة على الجميع ..