الفتى ابن المواطن
الفصل الأول
هل كان لك أن تقود دراجة (سيكل) .. هل كان لك أن تقودها في شوارع مدينتك وخارجها ؟ هل تستطيع أن تقودها بأمان ولو للرياضة ؟ ماذا ترى في شوارع المدينة الداخلية والرئيسية والفرعية ؟ إن شوارع المدينة لها روائح كريهة تختلف من شارع إلى شارع وذلك باختلاف مواقع وطرق توزيع حاويات النفايات، وفي بعض الأحيان تأتي الروائح من أثر عدم وجود حاوية نفايات أصلاً (نفايات بدون حاوية) أو لسوء توزيعها بالأسلوب المنتظم فيعطي ساكن الشارع الحق لنفسه لمعاقبة البلدية، كما أن الشوارع الداخلية وأسلوب تمهيدها يكسر الظهر ويفتق الزر (مؤخرة الظهر) من كثرة الحفر والمطبات، وفي الشوارع الكثير من الحصى والحجارة وأنواع كثيرة من الأتربة ومصادرها مخلفات وبواقي أعمال الإنشاءات والعمران، وأما الأرصفة التي لا تخلو من جزء مكسور وجزء مردوم وجزء معدوم وجزء معطوب وجزء مصبوغ وجزء مسروق... والله أعلم أي نوع من أنواع المراقبة والمتابعة والإدارة هذه ؟ وماذا يعني العمل وإتقانه لكثير من المسؤولين على هذه الممتلكات الحكومية؟ وما اعتقاد وحدود مسؤولية ساكن الشارع؟ وما الآلية المتبعة للحفاظ على ثروة الأجيال والوطن والمدن؟ وماذا سنورث أبناءنا وأحفادنا سكان المدن إذا ما استمررنا على ذلك؟
إن المسؤولية تعود علينا وعلى معنى واستشعار ثقافة المسؤولية لدى المجتمع وتعود المسؤولية على أسلوب ونطاق التربية في المنزل والمدرسة، وعدم تفهم الآباء المسؤولية وفي تعريف حدود المسؤولية الاجتماعية لديهم بأن الشارع هو ملك لك وللجميع وهو البيت الكبير الذي يجمع أفراد العائلة وأن العائلة هم سكان المدينة والقرية والضاحية. وعلى كل الأحوال، ركوب الدراجة رياضة جميلة وممتعة وتعطي الكثير من الحيوية والنشاط للقلب وللجسم وتعطي الكثير من التعلم على الصبر على الأذى.
الفصل الثاني
منبع النجاح الحقيقي هو تبني مقاييس مرتفعة، عليك أن تبذل دوما أفضل ما لديك، المتفوق هو البارع بين أقرانه المتميز بأدائه وهو الفئة الأولى، التفوق هو فعل أشياء عادية ببراعة غير عادية. هل أنت معتاد على تقديم أفضل ما لديك؟ لا أحد يستحق الفرصة ما لم يبذل أفضل ما لديه فيما يقوم به يومياً. قد لا يكون هذا سهلاً، لكن الثمن يستحق.
كيف يمكن لك أيها الفتى ابن المواطن أن تجيب عن السؤال السابق؟ فهذا السؤال يدفع الناس إلى التفكير … وتفسيره هو النسبة المئوية من وقتك الذي تعتقد أنك تبذل خلاله يومياً أفضل ما لديك. الواضح أننا بحاجة إلى الاتفاق حول ما تعنيه عبارة "أن نعطي دوماً أفضل ما لدينا" والمهم أن نفهم أن المعنى لا علاقة له بالتوتر والضغوط، فالحقيقة أننا لو وقعنا تحت تلك التوترات فلن نعطي أفضل ما لدينا، ولا يعني ذلك أن نعمل لمدة ثمانية عشرة ساعة يومياً دون راحة أو دون تناول طعام بالقدر الكافي، وأن نكون منشغلين بما يفوق طاقتنا فلا نجد الوقت الكافي للعائلة والأصدقاء، فبذل أفضل ما لدينا أمر يعني شيئين، الأول أن نضع لأنفسنا معايير مرتفعة والثاني أن نحقق تلك المعايير بغض النظر عن الظروف، فيمكن أن تعطي أفضل ما لديك وأنت مسترخ أو جالس مع الأصدقاء أو العائلة، وتلك من الأنشطة الضرورية طالما كنت متسقاً مع المعايير التي وضعتها لنفسك. فهذا هو المعنى الحقيقي لأن تبذل دوماً أفضل ما لديك: أينما كنت، وأياً كان ما تقوم به، وأياً كان من برفقتك فإن عليك أن تعطي أفضل ما لديك. وما إن يترسخ هذا المفهوم حتى نعود إلى إجابة السؤال الأصلي: هل أنت معتاد على تقديم أفضل ما لديك؟ فلن تصل حياتنا إلى اكتمالها ما لم نبذل أقصى ما نستطيع من جهد، ألست ترغب وأنت في الطائرة أن يقوم الطيار بعمله كأفضل ما يكون؟ ألست ترغب وأنت في الفصل الدراسي أن يقدم المعلم بأفضل ما لديه؟ ألست ترغب وأنت تمارس أو تشاهد الرياضة أن يبذل أعضاء الفريق أفضل ما لديهم من جهد ومهارة؟ ألست ترغب وأنت في المكتب أن يؤدي مديرك ما عليه على الوجه الأكمل؟ ألست ترغب وأنت تقود سيارتك في أن يكون السائقون الآخرون في قمه يقظتهم؟ ألست ترغب وأنت داخل المطعم أن يقدم لك الطاهي أفضل الأصناف؟ ألست ترغب وأنت تدير مشروعاً ما أن يعطيك الموظفون أفضل مجهود؟ ألست ترغب حينما يكون لديك عامل في المنزل في أن يتم عمله على أكمل وجه؟ ألست ترغب لو أن أحدهم يدير شؤونك المالية أن يحقق لك أفضل الأرباح ؟… يا إخوتي وأخواتي ، ما القاسم المشترك في كل تلك التساؤلات؟ ألا وهو أننا دوماً نأمل أن يبذل الغير أفضل ما لديهم من مجهود ومهارة عندما يقومون بأعمال تخصنا وتعود علينا بالنفع، والسبب لأن ذلك في مصلحتنا. كما أنه من مصلحتنا أن نبذل أفضل ما لدينا تحت كل الظروف، والسبب؟ لأن هناك قانوناً أساسياً في حياتنا فحواه أن هناك تناسباً طردياً بين ما نقدمه للحياة وما نحصل عليه منها. إن ترسيخ المعايير المرتفعة يمنحنا الأمل في كل يوم، بل في كل عقد من الزمان، كما أنها ترسيخ للمعايير المرتفعة الشخصية والصدق في التعامل مع الآخرين وفي أخلاقيات العمل وأخيراً في الخبرات الشخصية، فإذا قدّر لرجل أن يعمل كناساً في الشارع فعليه أن يضاهي في إتقانه هذا العمل للدرجة التي يمكن أن يتوقف عنده جميع الناس ليعلقوا بقولهم " هنا كان يعيش كناساً أتقن عمله". فما الذي يمنعك من تقديم أفضل ما لديك؟ فإن كنت تلميذاً فلماذا لا تصبح متفوقاً؟ وإن كنت في شركة فلماذا لا تكون أفضل الموظفين؟ إن المزايا عديدة حيث إن العمل الجاد يبني الشخصية، ويحقق الإنجازات ويُكسب احترام الغير، ويضفي المعنى على حياتنا، ويجعلنا نشعر بأننا أفضل، ويساعدنا على تنمية عادات مثلى، ويؤدي إلى أن تكون حياتنا أكثر سلامة وسعادة وامتداداً بمشيئة الله.
ومين لابنك غيرك، ابن وأعمر أرض بلادك، بكرة الخير لك ولأولادك.. الفتى ابن المواطن.