صندوق التنمية العقاري وبس 2
أرسل مدير عام صندوق التنمية العقارية المهندس محمد وصل الله الحربي تعقيبا إلى "الاقتصادية" على مقالة (صندوق التنمية العقارية وبس) يشيد فيه بالمقالة، وأنا لم أوف الصندوق حقه بل قارنته بالبرامج الأخرى ومن باب الإنصاف أقول، منذ ثمانينيات القرن الهجري الماضي كنا نسكن بيوت الطين وسط مدينة الرياض ما بين معكال وحلة القصمان وشارع الدركتر. وفي بداية التسعينيات الهجرية انتقلنا إلى آخر بيت طيني اشتراه الوالد، رحمه الله، وكان كبيرا بمقاييس تلك الحقبة وبمساحة 120 مترا مربعا، وفي عام 1397 هـ على ما أذكر تقدم والدي رحمه الله إلى صندوق التنمية العقارية بطلب قرض لبناء المسكن، وبدأت رحلة التعمير في تلك الفترة وأعتقد أن الحصول على القرض لم يتجاوز الأشهر القليلة وبمبلغ مجز في تلك الفترة، المهم أننا انتقلنا إلى البيت الجديد - المسلح -، كان هناك العديد من الأحياء المزدهرة في مدينة الرياض حينها مثل الملز والسليمانية وحي الزلفي والربوة القديمة وعتيقة والشميسي وغيرها ومعظمها بنيت بقروض صندوق التنمية العقاري وبشروط ميسرة، إضافة إلى حي الدخل المحدود الذي تكفلت الدولة ببنائه لهذه الفئة من المواطنين وعلى نفقتها الخاصة واستفاد منه الكثيرون، المهم أن صندوق التنمية العقاري كان له دور بارز في توفير المساكن للمواطنين في تلك الفترة وبدعم مباشر واهتمام من الدولة وهذا أمر لا ينكره إلا جاحد، فبعد أن كنا نسكن بيوت الطين أصبحنا نسكن البيوت المسلحة والفلل وكان عدد السكان قليلا في تلك الفترة، وعندما زاد عدد السكان وأصبحت الأسر الممتدة المكونة من عشرة أفراد وأكثر بحاجة إلى المسكن حدثت التغيرات وتغير العالم وزادت الحاجات.
حينها بدأت سهام النقد لصندوق التنمية العقاري بحجة عدم دعمه للمواطنين وتأخير القروض وتحميله فوق طاقته دون أن نبحث الأسباب والعوائق التي واجهته مثل المتغيرات الخارجية السياسية والاقتصادية وانخفاض أسعار البترول وان الأطفال العشرة قبل ثلاثين سنة قد كبروا وأصبحوا رجالا ويحتاجون إلى السكن المستقل عن الأسرة، إضافة إلى عدم إسهام القطاع الخاص بشكل فاعل في التنمية والبحث عن الربح فقط لا غير على حساب المواطن البسيط وعلى رأسها بنوكنا العزيزة التي تضخمت محافظها وأصبحت أرباحها السنوية تتجاوز رأسمالها!! وبرغم ذلك لم يتوقف الصندوق واستمر الدعم حسب الإمكانيات المتاحة برغم عوائق التحصيل وعدم الالتزام بالسداد لأنها المورد الوحيد في فترات كثيرة مع الهزات السياسية والاقتصادية وبرغم ذلك بقي الصندوق وحيدا، وأنا هنا أتمنى أن نكون منصفين في تقييمنا ونعطي كل ذي حق حقه وألا تجرنا العاطفة، البنوك، جميعنا يعرف، كيف تأكل الكتف والعظم والجلد وتأخذ ولا تعطي، ومعظم المستثمرين والشركات العقارية المتخصصة في بناء المساكن وتقسيطها، وأقدمها لا يتجاوز عمرها أصابع اليد لا يهمها إلا الربح.
ولو عملنا مقارنة زمنية ومكانية بين برامج الصندوق والبنوك وبرنامج مساكن البنكي الذي تبنته مؤسسة التقاعد بأموال الموظفين والشركات العقارية الخاصة لوجدنا الفرق شاسعا والجهد واضحا ولا مجال للمقارنة بينهم وبين الصندوق.
خاتمة
أقول للأخ مدير عام الصندوق أن ما كتبته هو حقيقة واضحة لا ينكرها إلا جاحد وتستحقون أنتم وزملاؤكم ومن سبقكم التكريم والإشادة بجهودكم. على الأقل أنتم لا تستغلون المواطن المسكين وتعملون بجهد. لكن للأسف هذا هو طبعنا الطيب نستغله أبشع استغلال ونوجه له سهام النقد في كل مكان وزمان، والسيئ نضرب له ألف حساب ونخاف منه. وأتمنى منك ألا ترسل تعقيبا على هذا المقال فأنتم وأنا لسنا بحاجة إلى ذلك. تحياتي لك ولجميع العاملين في الصندوق بلا استثناء.