ضحايا التراخيص
القارئ سليمان العصيمي يرسل إلى صاحبكم قائلاً: "استأجرت محلاً في عمارة حديثة بأحد أحياء الرياض، وقمت مع شركاء شباب بتأثيث المحل وتجهيزه بمبلغ 170 ألف ريال، وعندما راجعت البلدية طلبوا مني إحضار نسخة من رخصة البناء أو شهادة إتمامه من مكتب العقار حتى يرخصوا لي بتعليق اللوحة على باب محل الأحلام، وعدت لمكتب العقار لأسأله فقال: هذه ليست عندي، فهي من شأن صاحب العمارة.. وهذا رقم هاتفه. اتصلت بصاحب العمارة فأبدى أسفه، وتفاءلنا خيراً بعد تحديد موعد في يوم ما. جاء الموعد وبدأت أتصل بالرجل مراراً وتكراراً أملاً في أن يرد ولو لمرة واحدة... ولكن دون جدوى. استمر الخلاف بيني وبين صاحب مكتب العقار، كونه الوحيد الموجود في موقع الحدث، وبدأ بإجراء اتصالاته ليكتشف بدوره أن العمارة بدون رخصة إتمام بناء! وعندما سألته: كيف دخل إلى العمارة ماء وكهرباء؟ أجاب: " يا حليلك..!" ففهمت ما يرمي إليه... وبدأت أسأل عن أنسب وسيلة لاستعادة إيجار السنة المدفوع مقدماً بعد أن فقدت الأمل في إصدار رخصة للمحل أو استرجاع قيمة الأثاث والديكور..!! فابتكر صاحب مكتب العقار وسيلة للتواصل مع صاحب العمارة، التي تم تأجير شققها السكنية بالكامل، وخرج منه بالاعتذار التالي: "الدراهم انصرفت... كل المبالغ للسنة الأولى راحت سداد ديون.. والعذر والسموحة!"
وليسمح لي القارئ الكريم أن أختصر الرسالة عند هذا الحد... وأفتتح احتفالاً للتساؤلات، وسأبدأ بهذا: ترى ما ذنب المستثمرين الشباب ممن لديهم القناعة بقدرتهم على تأسيس تجارة رابحة في البلد؟
ج: إذا كانت البلديات الفرعية مهتمة فقط بنشر مراقبيها للتفتيش على مقاسات "درايش" الفلل، وحجم غرفة السائق، وارتفاع الساتر... فلا يجب أن نتفاءل بوصول الرقابة إلى العمائر التي بناها أصحابها بملايين الريالات؟ الحديث هنا يا سادة يا كرام عن شباب رصدوا مبلغاً يعتبرونه "عملاقاً" في نظرهم... وتفضل المليونير، صاحب العمارة، بتحويله إلى قزم في لحظة... وبمجرد أن تم توقيع العقد!!
التساؤل الثاني: كيف يمكن للشاب "الخام" أن يعرف العمارة المرخصة من غير المرخصة حتى لا يقع في فخ الأحلام الطائرة؟
ج: هذا غير متاح حالياً، والسبب عدم توعية الشباب بالمتطلبات البيروقراطية للتجارة حتى لو من خلال إعلانات التلفزيون والصحف!
التساؤل الثالث: ما الوسائل القانونية لاسترجاع قيمة الإيجار والتأثيث؟
ج: الدنيا تجارب... ولا يتعلم المرء من فراغ، علماً بأن الحالة هنا سيتم اعتبارها قانونياً ضمن قضايا "حسبي عليك" و "القانون لا يحمي المتفائلين"!
هنا، يشير إلى مدير التحرير بتعذر سرد مزيد من التساؤلات بسبب ضيق المساحة قبل ضيق ذات اليد، ولكني مشاكس وأود أن أتخلص من عبء احتباس الكلمات، لهذا سأسرد بسرعة خشيتي من أن يتصل صاحب العمارة خلال الفترة القريبة بالضحايا مطالباً إياهم بإخلاء الموقع من الأثاث لأن جنابه بصدد تحويل الفتحات إلى شقق سكنية، نظراً لسهولة وسرعة تأجيرها!!