دوائر حكومية دون مواقف

إن كانت لك حاجة في إحدى الوزارات والإدارات الحكومية (ومن منا ليس له حاجة؟) فستصدمك مشكلة العثور على موقف لسيارتك، وستصاب بالضجر وتوتر الأعصاب، قبل أن يصيبك ضجر آخر بسبب معاملة الموظفين لك!
ويتمثل الوضع القائم بالنسبة لمواقف السيارات، في المظاهر التالية:
1 ـ إن الجهات التي لديها مواقف تقوم بتخصيصها للموظفين. ولا يسمح للمراجعين بالدخول إليها. وعلى المراجعين البحث عن مواقف في الشوارع المجاورة.
2 ـ إن بعض الجهات مقراتها مستأجرة. وتقع على شوارع رئيسية. أو ملاصقة للأحياء، ولا تتوافر فيها أصلا مواقف، وكثيرا ما يتأذى المجاورون من وقوف سيارات المراجعين أمام منازلهم وإغلاق مداخلها ومخارجها أمامهم. كما تتضرر المحال التجارية المجاورة من إشغال المواقف أمامها بسيارات المراجعين.
3 ـ في حالة توفير مواقف، وهي حالات نادرة جدا. فإنها تكون مكشوفة للشمس والعوامل الجوية, في حين تكون مواقف الموظفين مظللة.
4 ـ إن عدم توفير مواقف للمراجعين خلق وضعا صعبا أمام مقرات الجهات الحكومية نتيجة تكدس السيارات, والوقوف العشوائي, وإغلاق الطرق، والتسبب في الحوادث، ومعاناة المراجعين الذين يجدون سياراتهم وقد سدت أمامها الطرق، واضطرارهم الانتظار أوقاتا طويلة تحت عوامل الطقس القاسية.
5 ـ إن معظم الجهات الحكومية لا تدرك أبدا الحقيقة القائلة إنها وجدت أصلا لخدمة المراجعين (آمل مشاهدة حالات مثل المحكمة العامة، مرور الناصرية، مكتب العمل) وأن عليها تسهيل وصولهم إليها وتقديم الخدمات لهم في أقصر وقت حتى لا يطول مكوثهم لديها والتسبب في تراكم السيارات وحصول اختناقات مرورية نتيجة لذلك، والواقع يوحي بأن هذا المفهوم غير موجود، وحل محله مفهوم آخر هو أن المراجع هو الذي في خدمة الجهة، عليه أن يعاني من أجل الوصول إليها، والحصول على الخدمة المطلوبة، والواقع من حولنا يترجم ذلك.
6 ـ أن توفير المواقف يعد حقا من حقوق الإنسان، بل هو من واجبات الجهة الحكومية، وكثير منا ذهب إلى الخارج وشاهد مدى توافر المواقف عندما يحتاج إلى مراجعة أي جهة كالسفارات وإدارات الأمن والخدمات الصحية.
7 ـ إن المراجعين أولى بتوفير المواقف الملاصقة للجهة من الموظفين، إذ إن الموظف يوقف سيارته في أول الدوام ويخرجها في آخره. وليس من الضروري أن يكون ذلك في أقرب مكان لأن موقف السيارة الواحدة يمكن أن يستوعب خمس سيارات للمراجعين، والمراجع إذا وقف قريبا من الجهة التي يقصدها فإن ذلك يساعد على إنهاء حاجته بسرعة، ومن ثم إخلاء الموقف لمراجع آخر.
هذه هي الصورة العامة للوضع، أنقلها كما شاهدتها.. وأضيف أن ما يزيد الأمر سوءا هو تعمد بعض الجهات الحكومية، ذات الصلة القوية بالناس، اتخاذ مقراتها على الشوارع العامة كطريق الملك فهد في الرياض، والتي لا تتوافر فيها مواقف لموظفي الجهة ناهيك عن المراجعين، وتتسبب في وقوع الكثير من الحوادث.
ومعلوم أن الدوائر الحكومية تنشأ لخدمة الناس وتسهيل قضاء حاجاتهم، والمفترض أن يكون من أولويات ذلك توفير مواقف لسياراتهم، بيد أن هذا الواجب كان ولا يزال مغيبا، وليس هناك من المراجعين من يجرؤ على المطالبة به، لأنه أحيانا لا يجد مقعدا يجلس عليه، فكيف يطالب بموقف لسيارته؟؟!
إن الوضع أمام مقرات الدوائر الحكومية في غاية السوء، والمواطن يعاني ويتعب ويضيع وقته بسبب ذلك، ولا بد من صدور قرار تنظيمي يلزم كل جهة حكومية، وغيرها مما يؤمه الناس، أمثال البنوك، والمستشفيات الأهلية، والهيئات، والشركات، كشركة الكهرباء والهاتف، بتوفير مواقف كافية للمراجعين.
وبما أن الوضع ذو صلة بحقوق الناس، وأن الأجهزة لم تنشأ إلا لخدمتهم، فإن الأمر، من هذا المنظور لصيق باختصاصات هيئة حقوق الإنسان التي يأمل منها المواطنون أن تدرك معاناتهم، وتلفت نظر ولي الأمر إليها، وتقدم المقترحات الكفيلة بحفظ حقوق الناس، وصون كرامتهم واعتبارهم، كشركاء في حق المواطنة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي