صندوق التنمية العقاري وبس

[email protected]

صندوق التنمية العقاري الذي أنشئ منذ أكثر من ثلاثة عقود خدم الكثير من أبناء الوطن في المناطق كافة، وبدعم وتوجيه من قادة هذا البلد - حفظهم الله -. واستمر الاهتمام به ودعمه على مدى العقود الثلاثة الماضية ومازال وبشكل أفضل من السابق، وعندما كانت الدولة تعمل كل شيء فيما يتعلق بتنمية الوطن والمواطن من خلال الخطط الخمسية التي ظهرت وبانت نتائجها للقاصي والداني حتى يومنا هذا. وبعد أن أسهمت الدولة في تعليم المواطنين داخليا وخارجيا وأرسلت مئات الألوف من الشباب خارج الوطن للتحصيل العلمي ومواكبة المتغيرات الدولية في جميع مناحي الحياة، إضافة إلى دعم القطاع الخاص كشركات وأفراد وتقديم الدعم المادي والقروض والدعم المعنوي اللامحدود حتى أضحت هذه القطاعات والأفراد متضخمة ماليا بما فيها البنوك. لذا، ومن منطلق رد الجميل، كان لزاما على القطاع الخاص أن يسهم مع الدولة في دعم برامج التنمية في المملكة والتي لم نر لها أثرا فاعلا حتى اليوم. ولننظر إلى نتائج التخصيص التي تمت لبعض القطاعات مثل الاتصالات والشركات الحكومية مثل "سابك" و"أرامكو" وغيرها كيف تحررت وأسهمت في خدمة الوطن.
لكن وللأسف الشديد رأينا ونرى بعض القطاعات الخاصة والأفراد إن لم يكن معظمها - وبعد أن تضخمت محافظهم وأرصدتهم - لا يفكرون إلا في أنفسهم وكان الأولى رد الجميل للوطن والمواطن. وسأبتعد عن القطاعات التجارية والصناعية وأركز على القطاع العقاري الذي يعد من ركائز اقتصاد أي دولة في العالم. ومثلا في مجال الإسكان لدينا لم نشهد مساهمة فعلية حيث تبخرت آمال وأحلام الكثيرين في تملك منازلهم رغم الانتعاش العقاري الذي شهده القطاع خلال السنوات الماضية. وأصبحت لدينا عدة شركات تقسيط وبنوك تضاعفت أرباحها على حساب المواطن المسكين. وأخيرا انطلق برنامج مساكن الذي تديره المؤسسة العامة للتقاعد والذي انتظره الكثيرون من موظفي الدولة أملا في حل مشكلتهم الأزلية وأثبت أنه لا يختلف تماما عن برامج البنوك والشركات العقارية التي تعمل بالتقسيط من ناحية الشروط التعجيزية أو الفوائد المضاعفة برغم أن هذا البرنامج يفترض فيه أن يخدم موظفي الدولة الذين استثمرت المصلحة أموالهم طوال عقود، وكان الأجدى أن يكون البرنامج ميسرا وبسيطا ويغطي جميع الشرائح ولا أعتقد أن المصلحة يجب أن تفكر من طرف واحد دون النظر إلى المستفيد من القرض وظروفه المادية وان توسع شريحة المستفيدين من البرنامج وبشروط مقبولة فقليل دائم خير من كثير منقطع . وسيستمر المسلسل في استغلال المواطن مادامت الأهواء الشخصية والقرارات الفردية هي سيدة الموقف بعيدا عن العمل المؤسسي والتخطيط الاستثماري طويل المدى والتفكير بأسلوب المنفعة المتبادلة.
ومن وجهة نظر خاصة أرى صندوق التنمية العقاري نجما يغرد خارج السرب حتى ولو كان قطاعا حكوميا وبإمكانات وموارد محدودة وانتظاره أرحم وأجدى من الدخول في مغامرات القروض طويلة الأجل والتي ستثقل كاهل الكثيرين، ومع الامتيازات التي يقدمها الصندوق للمقترضين وبلا فوائد وبحوافز لمن يلتزم بالسداد وإعفاءات تصل إلى 30 في المائة من قيمة القرض، ولو طورت أدوات العمل في الصندوق وعمل بعقلية تجارية وبفوائد بسيطة لا تتجاوز 2 في المائة وبتحالف مع كيانات عقارية ذات سمعة جيدة، لسهم كثيرا في حل هذه المعضلة، ولدفع الكثيرين ليحذوا حذوه، وختاما أقول: صندوق التنمية العقاري وبس.

رئيس فكر الدولية
جدة - فاكس 6912060

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي