واحد رأس .. وصلحه!

[email protected]

استقبلت بكثير من البهجة صديقا قديما حضر من جدة، هو معني ببعض الأعمال التي تستغرق أياما ثلاثة ثم سيغادر، كان ذا عادات جيدة وصحية، إلا أن غروب الشمس وبدء الزمن الليلي كان يمثل له حاجات لا تنتمي للعادات الصحية الجيدة التي عرفتها عنه .. فما إن حل الليل إلا وجن جنونه هو يصر بغرابة لأجل الذهاب إلى مقهى كي "يعمر الشيشة".
بلا شك تعلمون أن الرياض ليست كغيرها من المدن فالأماكن المخصصة للشيشة تكون في أطراف المدينة وفي مناطق تكاد تكون منبوذة .. وما على الفقير إلى عفو ربه إلا أن اصطحب الصديق المدمن على "لي الشيشة" إلى مركز شغفه .. ومن مقهى إلى آخر، في ظل أن كاتب هذه السطور رأى أن كل محل منها لم يرتق إلى أدنى درجات النظافة .. والحل في ظل أن "خرمة " الصديق تزداد ولعاً .. هنا كانت مهمة الاستعانة بصديق آخر يملك ذات الإدمان مهمة جداً، فحادثته ثم تلقيت وصفاً للمكان المطلوب .. فتحركنا لنستقر فيه.
هنا استميحكم عذراً بالاعتراف بكرهي الصارخ للشيشة وأماكنها ومراكز تجمعها سواء في الاستراحات أو المقاهي .. لكنني وجدت نفسي مجبراً على الوجود .. ويا ليتني لم أفعل؟!.
السبب أن هناك حقيقة مؤلمة وهي أن هذه المقاهي أصبحت مركزاً لتجمع الشباب بسبب قلة ما يخصص لهم من أماكن يقضون فيها أوقاتهم، وعليه فكان تعلم الشفط من اللي سبيلاً لمواكبة التسامر مع الأصدقاء، وكم من شاب صغير لم يتجاوز عمره 18 قد توشح اللي واستشاط نشوةً من خلال دخان يسحبه بشدة من "بربوره" يعلو صوتها كمن "يتمضمض الماء" ليقذف بعده بالدخان عاليا كسحابة يجد في منظرها لذة كاذبة وخيالاً ساذجاً.
المشكلة أن مرتادي هذه المقاهي من السذاجة بحيث إنهم لا يعلمون أن ما يوضع في "رأس الشيشة" هو من الفواكه الفاسدة، وزيادةً على فساده يسكب عليها مواد معطرة لتزيد من كيميائيتها الضارة، ولا بأس أن تناولها أبناؤنا، ولا بأس بعدها أن انتشرت أمراض الرئة وسرطاناتها .. مادام وزارة الصحة تتفرج والبلديات غير مكترثة!
المطلوب لأجل شبابنا وحتى المقيمين على أرضنا وفي كل بقاع هذه الأرض أن يكون هناك برامج توعية مستمرة عن هذا الخطر المتزايد في النمو، وقبل كل ذلك رقابة شديدة على المقاهي وإجراءات صارمة على النظافة فيها .. والأهم أن تحدد السن المسموح لها بدخول تلك المقاهي والمقهى الذي يتجاوز ذلك يغلق.
تراءى لي كل ذلك وضيفي بجانبي في حالة نصف جلوس ونصف رقود، ممدداً رجليه وهو يعيش سلطنة غريبة فعلها به هذا الرأس الساحر .. وبعد أن هزأت بما هو عليه من نشوة كاذبة .. قال لي والدخان يتطاير كثيفاً من فمه وأنفه .. "ذوقوا ثم لوموا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي