تضحية "الهيئة" ... سعر افتتاح "كيان"

[email protected]

لم يكن الهبوط الحاد لمؤشر السوق المالية السعودية هذا الأسبوع سوى نتيجة تضحية هيئة السوق المالية بجميع الشركات المدرجة في سبيل إنقاذ سلسلة شركات الطرح الأولي التي أدرجت أو جار إدراجها هذا العام.
هذه فحوى الرسالة التي أطلقها الرسم الكاريكاتيري للزميل ربيع في جريدة "الرياض" يوم الإثنين الماضي (عدد 14238). رسم كاريكاتيري حمل وجهة نظر حول المرحلة الانتقالية التي تمر بها السوق المالية السعودية.
مرحلة تثير العديد من التساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
حاولت دراسة الإجابة عن هذه التساؤلات عن طريق دراسة سلوك طبيعة المكتتبين، وصناع السوق، والمستثمرين خلال اليومين الأولين من تداول أسهم شركات الطرح الأولي المدرجة في سوق ناسداك. نشرت الدراسة قبل قرابة العام في مجلة "علم الاقتصاد المالي"The Journal of Financial Economics تحت عنوان "من يتداول أسهم الطرح الأولي؟ نظرة على الأيام الأولى للتداول".
اعتمدت الدراسة على معلومات حركة تداول اليومين الأولين لـ 559 شركة طرح أولي أدرجت في سوق ناسداك خلال الفترة من تشرين الأول (أكتوبر) 1996م إلى حزيران (يونيو) 1997.
استندت الدراسة إلى قاعدتي بيانات لحركة تداول أسهم الطرح الأولي لاستقاء هذه المعلومات: Securities Data Company SDC، وElectronic Data Gathering, Analysis and Retrieval system EDGAR.
قسمت عينة الدراسة (559 شركة) إلى أربع مجموعات بناء على التباين بين سعر طرح السهم والسعر الافتتاحي مع بداية عملية التداول. المجموعات الأربع كالتالي: أسهم العائد العالي، أسهم العائد شبه العالي، أسهم العائد المعتدل، وأسهم العائد المنخفض.
قبيل ذكر نتائج الدراسة، فإنه من الأهمية بمكان الأخذ بعين الاعتبار التباين بين آلية عمل سوق ناسداك والسوق المالية السعودية.
حيث تصنف سوق ناسداك على أنها سوق تفاوضية negotiated market تقوم على مبدأ التفاوض بين البائع والمشتري على تحديد قيمة السهم. وبالتالي فإن سعر السهم يتحدد بناء على القدرة التفاوضية بين البائع والمشتري.
وفي المقابل، تصنف السوق المالية السعودية على أنها سوق مزدوجة double auction تقوم على وجود مجموعة من المتداولين تعرض مجموعة من الأسهم، ومجموعة أخرى تطلبها. وبالتالي فإن سعر السهم يتحدد بناء على التوافق بين كلا السعرين.
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج مفيدة تشكل في مجملها إجابة شمولية عن التساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
النتائج كما يلي:
1 ـ تتميز حركة تداول أسهم العائد العالي بحجم تداول يفوق مجموعات الأسهم الثلاث الأخرى.
2 ـ تنحصر عملية تداول أسهم العائد العالي في المكتتبين والمستثمرين. وينحصر دور صناع السوق في الوساطة بين المكتتبين والمستثمرين.
3 ـ تتميز طبيعة تداول أسهم العائد العالي في بدايتها بتساوي القدرة التفاوضية على سعر السهم بين المكتتبين والمستثمرين، ولكنها ما تلبث في نهاية اليوم الثاني للتداول أن تميل القدرة التفاوضية، وبالتالي التجميع، لكفة المستثمرين.
4 ـ تنحصر عملية تداول أسهم العائد المنخفض في المكتتبين وصناع السوق.
5 ـ تتميز طبيعة تداول أسهم العائد المنخفض في بدايتها بتساوي القدرة التفاوضية على سعر السهم بين المكتتبين وصناع السوق، ولكنها ما تلبث بنهاية اليوم الثاني للتداول أن تميل القدرة التفاوضية، وبالتالي التجميع، لكفة صناع السوق.
عندما ننظر إلى واقع السوق المالية السعودية من منظور نتائج هذه الدراسة، مع الأخذ في عين الاعتبار التباين بين آلية عمل سوق ناسداك والسوق المالية السعودية، فإنه من الممكن وضع اللمسات الأولية للإجابة عن التساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
فالسوق المالية السعودية تنتظر بدءا من الغد بإذن الله تعالى تداول أسهم شركة كيان السعودية "كيان". يعقب ذلك بثلاثة أيام تداول أسهم شركة الدرع العربي للتأمين التعاوني "الدرع العربي" بنسبة تذبذب مفتوحة لليوم الأول فقط.
هناك تباين كبير بين "كيان" و"الدرع العربي"، سواء في طبيعة عمل الشركة، أو حجم الأسهم المطروحة، أو طبيعة شريحة المتداولين. سيؤدي هذا التباين إلى تباين في نوعية عائد أسهمهما (عائد عال، عائد شبه عال، عائد معتدل، وعائد منخفض)، وكيفية انتقال ملكية أسهمهما من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولاتهما. والتعرف على التباين بين كلا النوعين قبل بدء تداولهما من الأهمية بمكان كونه سيوجه قرار المستثمر إما إلى البيع وإما الشراء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي