أسعار الكهرباء والمجلس الاقتصادي الأعلى 2/2

تكرم الدكتور فريد محمد حسين زيدان، رئيس هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج وشرح لي وجهة نظر الهيئة ورغبته في الاجتماع مع رجال الأعمال في غرفة جدة لشرح برنامج الهيئة واستراتيجيتها وأن مجلس الهيئة غير اقتراحه الأول بزيادة أسعار التعرفة للمصانع من أربع هللات إلى هللة واحدة مع محدد نسبة الأحمال وغيره. وأعلم أن الهيئة ومجلس إدارتها يرغبون في توفير الطاقة الكهربائية ونقل المملكة نقلة نوعية مثل الدول الصناعية، ونقول إن الرغبة لا تكفي، وما زلنا كصناعيين نعارض أي زيادة في أسعار الكهرباء للصناعة حتى لو كانت هللة واحدة، لأن الحل يجب أن يكون جذريا وعادلا وشاملا وليس بالحلول الانتقائية. ولن أكرر ما اقترحته في المقالة والذي أكد العديد من الزملاء أن هذا مطلب الجميع. كيف نكون مصدر طاقة عالميا ومتخلفين في قطاع الكهرباء ! ولقد تكرم الشيخ عبد العزيز عبد الله رجب وهو عصامي صناعي ومن رواد تجار الأجهزة الكهربائية ومقاول خبير في المقاولات الكهربائية ومن المهتمين بقطاعات الكهرباء وكتب لي مقترحا حول وجوب تعدد شركات الكهرباء لإنشاء المنافسة الحرة وأن سوء التخطيط المسبق لتوقعات السوق والاستعدادات لذلك اضطرت شركات الكهرباء إلى اتخاذ خطوات ليست في صالح المستهلك سواء بزيادة الأسعار أو بقرارات وقف الإمدادات بالتيار لجهات معينة ولفترات محددة. ومادام من المتعذر التصرف بإيجاد وسائل عاجلة لسداد وتدارك هذا النقص وتجنب التقصير في الأداء والبيع بالسعر العالي والعمل على اتباع استراتيجية سليمة وواضحة طويلة الأمد، إذا سنعود إلى السبب وهو توقع زيادة الأحمال بشكل تصاعدي وهائل نتيجة للطفرة الهائلة التي حدثت بالمملكة اقتصاديا واجتماعيا، هذا هو السبب الآني الحالي وليس لمواجهة الغد القريب الذي لم يدخل في الحسبان.
إذا نعود إلى السبب والعمل على التفكير في طرح أفكار لمواجهته ومعالجته وهي عديدة لمن أراد أن يبحث بصدق وإخلاص لحل مؤقت لهذه المشكلة، وذلك يمكن حصره في كلمة واحدة وهي الترشيد لدى جميع المستهلكين بما فيهم قطاعات الدولة بجميع فئاتها ويجب أن يكون شاملا وفي عدة أوضاع وهي قرارات ترشيد لدى الجهات الرسمية بتحديد قدرات البث الكهربائي الواصل لها مع التعليمات لكل أصحاب الشأن بمراعاة ذلك الخفض سواء بالنهار أو بالليل ولا يعني ذلك إقفال الضوء أو التكييف أو المصاعد إلا عند الضرورة أو عند عدم الحاجة إليه. كما لا بد أن ينطبق ذلك الترشيد على جميع الجهات الحكومية التي لا تدفع الفاتورة مباشرة مع ملاحظة وجود بعض المباني الضخمة والفنادق والأسواق التي تسرف باستهلاك التيار، كذلك استخدامات البلديات وبعض المؤسسات لعناصر الإنارة العامة والخاصة مثل إنارة الشوارع بصورة متواصلة ومتكاملة ليلا وأحيانا نهارا والتي تزيد وتتمدد يوما بعد يوم والتي يمكن في بعض الأحيان إطفاء جزء منها بحيث لا تؤثر في النتيجة المحددة لاستخدامها مثل إطفاء نصف الكمية والاكتفاء بالنصف الآخر. وكذلك بعض العناصر في بعض المؤسسات التي لا يؤثر هذا التخفيض في ذلك الوقت من كفاءة استخدامها والاستفادة منها ولو بالحد الأدنى وخاصة في أوقات الذروة الاستهلاكية وذات التأثير المباشر لهذا العجز في الأحمال الكهربائية ما ينتج عنه المعاناة الشديدة لشركات الكهرباء ويمكن المعرفة والتوصل إلى تسمية هذه المؤسسات إذا لزم الأمر. وهناك ناحية مهمة فنية واقتصادية يمكن أن تسهم بشكل فعال في تخفيض حجم الاستهلاك بصورة عامة لمصلحة دافع الفاتورة أولا ولتحقيق الغرض من خفض الأحمال ثانيا وهو ضرورة استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة مثل استخدامات المنازل والاستخدامات العامة لنوع من وسائل الإنارة مثل اللمبات ذات الخاصية العالية لتقديم هذا الوفر بما يعادل 70 في المائة إلى 85 في المائة عن استعمال اللمبة العادية دون أن يكون هناك أثر لانخفاض شدة الإضاءة بل بالعكس يحقق مزيدا من الإضاءة الجيدة والناعمة للقارئ والمشاهد.
كما أنه من المهم طرح عملية ترشيد وترويج ذلك على المستوى الرسمي والاجتماعي وليس من باب ضرورة الترويج التجاري ولكن لضرورة مواجهة الموقف الصعب الذي نلمسه جميعا بعجز شركات الكهرباء عن مواجهته, كما أن هناك فكرة يجب أن تطرح على الجميع بضرورة تقنين وتوفير تشغيل المكيفات الهوائية بكل أنواعها وخاصة وقت الذروة, وأن هذه الفكرة يجب أن تتبناها مؤسسات خاصة لنشرها بصورة عامة وبصورة ترشيد مجتمعية سواء قنوات التلفزيون أو جميع وسائل الإعلام. كما يجب أن نهيب بشركات الإعلام استلام إعلانات هذه الأنواع من موفرات الطاقة وتقديمها مجانا أو بشكل اقتصادي على المعلن من أجل ترويج الفكرة واستخداماتها اجتماعيا واقتصاديا وقوميا أيضا.
وفي النهاية فإنه نتيجة لذلك الترويج سوف نخفف الضغط على مؤسسات الكهرباء ونفيد المعلن والمستهلك، فلو أن هذه الفكرة وضعت موضع القبول والتنفيذ فستكون من إحدى الطروحات لحل هذه المشكلات.
ولا شك أنه من المهم تبني مقترحات العم عبد العزيز للحلول المؤقتة، أما للمدى الطويل فإننا في حاجة إلى قرارات سياسية اقتصادية واضحة وسريعة لأن المشاريع الجديدة ستستغرق ثلاثا إلى خمس سنوات قبل تنفيذها وإلى ذلك الحين سنكون تحت خط الحاجة الماسة, وبعض الاقتراحات التي ذكرت وغيرها ستساعدنا على توفير جزء من الاستهلاك المبذر دون رفع أسعار الكهرباء هللة واحدة, ولكن علينا الاستثمار في التوعية وحث المستهلكين أفرادا ومؤسسات على تركيب كل ما يوفر استهلاك الكهرباء.
وكرر خادم الحرمين الشريفين أن "الصناعة خيارنا لتنويع مصادر الدخل" وذكر وزير التخطيط بعد اجتماع مجلس الوزراء يوم 4/6/2007 أن نائب خادم الحرمين الشريفين شدد على أن السياسة الاقتصادية التي وجه ويوجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – تسعى على الدوام لتعزيز العملية التنموية وبناء المؤسسات الاقتصادية الحديثة وتهيئة البيئة المحفزة للاستثمار وتأكيد المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل، وذلك بالإضافة إلى سعي الدولة لتعزيز جاذبية الاقتصاد السعودي للاستثمار الأجنبي وزيادة قدرته على مواجهة التحديات ومواصلة الانطلاق إلى مستقبل مشرق بحول الله".
وحتى نحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين ونائبه وجميع المواطنين وننطلق إلى مستقبل مشرق. نتمنى على مجلس الوزراء أن يخصص أربعين مليار ريال من فائض الدخل لهذا العام لقطاع الكهرباء ليكون صندوق التنمية الصناعية مسؤولا عنه لكي يستخدم في السنوات الخمس القادمة كقروض حسنة للمستثمرين في هذا القطاع بفئاته لضرورته لأي تقدم أو تطور، وحتى لا نندم لاحقا ونعيش في الظلام وتبقى خططنا الخمسية واستراتيجياتنا حبرا على ورق ولنوصل الأجيال القادمة للتطور بأمانة وحتى لا تكون الكهرباء عائقا أمام استفادة الوطن القصوى من هذه الطفرة فهل من مجيب؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي