عوامل نجاح خدمات التمريض في السعودية
يأتي انعقاد المؤتمر العالمي الثاني للتمريض في المنطقة الشرقية، تحت شعار "مستقبل خدمات التمريض بالمنطقة"، برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت نايف بن عبد العزيز، خلال الفترة 22- 24 أيار (مايو) 2007، وكذلك انعقاد اليوم العالمي لمهنة التمريض تحت شعار "نحو بيئة عمل إيجابية: جودة مكان العمل = جودة العناية التمريضية"، بتاريخ 12 أيار (مايو) 2007، استشعاراً من القائمين على إدارة القطاع الصحي في بلادنا، بأهمية الدور المهني والإنساني النبيل، الذي يسهم به الممرض السعودي، والممرضة السعودية، في خدمة القطاع الصحي في السعودية، والارتقاء بحسن الأداء، ولا سيما أن خدمات التمريض، تعتبر جزءاً مهما جداً لا يتجزأ من المنظومة الصحية المتكاملة، والخدمات الصحية ذات الجودة والنوعية المرتفعة، بالذات المرتبطة بالعناية السريرية والإكلينيكية للمريض في مختلف مراحل العناية الصحية المطلوبة.
بالرغم من أهمية خدمات التمريض في المجال الصحي، لكونها ـ وكما أسلفت ـ جزءا مهما جدا لاكتمال منظومة الخدمات الصحية، إلا أنها لم تحظ حتى وقت قريب بالاهتمام المطلوب من قبل القائمين على إدارة القطاع الصحي في البلاد، بالشكل الذي يجسد أهمية المهنة، ويعمل على الارتقاء بحسن الأداء، مما حدا بعدد كبير من المواطنين والمواطنات، الراغبين في الالتحاق والانخراط في مجال خدمات التمريض، العزوف عن ذلك، نظراً للعديد من الأسباب المرتبطة ببيئة العمل، وبمستوى الأجر والعوائد المالية، بما في ذلك التقدير الأدبي والمعنوي المنشود للخدمة وللعاملين فيها.
ميساء عبد الوهاب مظهر مديرة إدارة التمريض في صحة العاصمة المقدسة، شخصت بدقة متناهية أبرز الصعوبات والمعوقات والتحديات التي تواجه مهنة التمريض على المستوى الدولي، من خلال مقال نشر لها في جريدة "المدينة" في العدد 16097 تحت عنوان "في اليوم العالمي للتمريض: نحو برامج للتميز"، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، زيادة الطلب على الخدمة الصحية مقابل القيود الاقتصادية، التي تحد من جودة الخدمة، وفي ظل هذه الأزمة العالمية، المتمثلة في النقص الحاد في الكادر التمريضي، تصبح بيئة العمل التمريضي غير صحية، مما يقلل من مستوى الأداء التمريضي، حيث إن هناك علاقة مباشرة ووطيدة بين جودة مكان العمل وثجودة الخدمة المقدمة.
وفقاً لما أوردته الكاتبة المذكورة في مقالها سالف الذكر، وبناءً على ما ورد في تقرير المجلس الدولي للتمريض، أن بيئة العمل الإيجابية بالنسبة للتمريض، يجب أن تتميز، بتوافر سياسة مبتكرة وإبداعية لتوظيف الكادر التمريضي، بما في ذلك المحافظة عليه من التسرب، الأمر الذي يتطلب ضرورة تبني المنشآت الصحية استراتيجيات محددة، تعنى بالتطوير والتحديث المستمر لخدمات التمريض، وإتاحة فرص التعليم المستمر، بما في ذلك إقرار مستوى الأجور والتعويضات الكافية والمجزية، وكذلك العمل على إيجاد برامج لتقدير المتميزين في أداء الخدمة، وأيضاً توفير الأدوات والأجهزة الطبية المناسبة، بالشكل الذي يكفل تقديم خدمات التمريض بالمستوى الذي يرقى للمعايير الدولية.
تبني تطبيق مثل هذه الاستراتيجيات الصحية، سيعمل على تحديد أوجه الفرق والتشابه، والتباين بين المؤهلات الخبرات التمريضية، بما في ذلك نسبة إشغال الأسرة ونسبة المراجعين، ونسبة عدد المرضي لكل ممرض وممرضة، والذي بدوره سيعمل على تفادي حالات تعرض العاملين في مهنة التمريض للضغط 7غير المبرر في العمل، الذي قد يكون في معظم الأحيان على حساب الجودة والنوعية، مما يتسبب في خلق بيئة عمل غير مناسبة وغير مريحة.
إقرار الأجر العادل، يعد من بين أبرز متطلبات عوامل نجاح مهنة التمريض والارتقاء بحسن الأداء، ولاسيما وأن مهنة التمريض تتطلب بذل جهد بدني وذهني إضافي مقارنة بالمهن الصحية الأخرى، خصوصاً في ظل النقص الحاد في الكادر التمريضي، الأمر الذي يتطلب أن يتناسب المقابل المادي والعوائد المالية الأخرى مع متطلبات وتحديات المهنة، بما يكفل تحقيق مستوى الرضى المطلوب لدى العاملين في القطاع، بحيث يمكنهم ذلك من القيام بأعباء المهنة على الوجه المطلوب.
توافر برامج التقدير والتحفيز في المنشأة الصحية للعاملين في خدمات التمريض، يعد من بين أبرز وأهم عوامل نجاح الارتقاء بأداء المهنة، حيث إن للتقدير المعنوي أثراً كبيراً في الرفع من الروح المعنوية للعاملين في القطاع، وتحفيزهم على العطاء بشكل أكبر، والعمل الدؤوب، بما في ذلك العمل على الارتقاء بتطوير الذات.
آخراً وليس أخيراً، إن توافر الأجهزة والأدوات الطبية المناسبة، يعد عاملا آخر مهما من عوامل نجاح الارتقاء بمهنة التمريض، لكونه يساعد أفراد طاقم التمريض على القيام بعملهم باليسر والسهولة المطلوبين، اللذين يحققان معدلات كفاءة التشغيل المنشودة، إضافة إلى أن ذلك يعمل على التغلب على العراقيل، التي قد تعترض سير العمل، وهذا بدوره سيساعد على خلق بيئة عمل تمريض منتجة ومحفزة على الإبداع.
في رأيي أن عوامل النجاح والارتقاء بمهنة التمريض، سالفة الذكر على المستوى العالمي، لا تختلف كثيراً من حيث المتطلبات، وأهمية التطبيق في المملكة العربية السعودية، ولا سيما في ظل الحاجة الملحة والطلب المتنامي على مهنة التمريض في البلاد، الأمر الذي يفرض الحاجة لتبني القائمين على إدارة القطاع الصحي في المملكة، تطبيق استراتيجيات طموحة لخلق بيئة عمل مناسبة ومواتية ومحفزة لانخراط المواطنين من الجنسين في مهنة التمريض، وبالله التوفيق.
مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية