تحديد المطالبات في المشاريع الإنشائية

[email protected]

لكي تتمكن المؤسسات من إدارة المطالبات في المشاريع الإنشائية بشكل فعّال، يجب أن يكون لديها فهم واضح للمطالبات المحتملة كافة، وأسبابها وتأثيراتها على الميزانية والجدول الزمني للمشروع المعني. ويمكن تصنيف المطالبات، عموماً، في أربع فئات. تتضمن الفئة الأولى المطالبات المتعلقة بقضايا فنية بما في ذلك الأخطاء والهفوات في المستندات، والخلل في المواصفات، واختلاف ظروف موقع العمل، والفحص غير الدقيق، وضعف الأداء، والمبالغة في المعرفة أو إخفاء المعلومات وغير ذلك.
وتشمل الفئة الثانية المطالبات الناجمة عن آلية إدارة المشروع وتعدد المؤسسات التي لها علاقة بتسليمه. وهناك عوامل عديدة تقف وراء هذه المطالبات، منها تأخر إصدار الموافقات أو القرارات، أو الأذونات، والتدخل غير المناسب لمؤسسات أخرى، وتسريع العمل، وتلف الأعمال أو المواد، وتأخير تسليم المواد، والتنسيق غير الصحيح بين مختلف اختصاصات العمل، وحدوث تغيرات كبيرة في مسيرة العمل، ونقص العمالة والمعدات، والإشراف غير المناسب، وعرقلة العمل، وعدم قبول النشاطات المنجزة، وتعليق العمل.
أما الفئة الثالثة، فتشمل المطالبات التي يمكن أن تنجم عن قضايا إدارية خاصة بالمؤسسة المعنية نفسها، مثل الإفلاس، وإضراب العمال نتيجة عدم توافر شروط السلامة والصحة أو عدم دفع الرواتب، والفشل في إقامة روابط وعلاقة حقيقية بين أفراد فريق العمل، وتأخر دفع المبالغ المستحقة، والافتقار إلى القرارات المناسبة أو تأخر صدورها، وحدوث تغييرات في الإدارة العليا، وعدم الاستقرار التجاري. وتشمل الفئة الأخيرة أيضاً مطالبات تنجم عن عوامل خارجية منها حوادث القضاء والقدر، وتصرفات الحكومة، والظروف المناخية غير المناسبة، والإضرابات العامة، وتخفيض قيمة العملة، وأعمال العنف والحروب، وغيرها.
وعليه، فإن تحديد الأسباب التي أدت إلى ظهور تلك المطالبات، أمر في غاية الأهمية بالنسبة للمؤسسة قبل شروعها في دراسات الاستراتيجيات المتوافرة لديها لمعالجة المطالبات. فعلى سبيل المثال، قد يعود سبب الأخطاء والهفوات في مستندات المشروع، إلى الاستعانة باستشاري ليست لديه الكفاءة المناسبة، أو عدم تخصيص وقت كاف لوضع التصاميم المناسبة، أو التنسيق غير الصحيح بين مستندات المشروع الإنشائي، أو عدم دراستها بشكل دقيق، أو قد يعود ذلك ببساطة إلى أخطاء بشرية. وفي بعض الأحيان، يقف السبب الواحد وراء عدة مطالبات. ويضاف إلى ذلك، أن لكل مطالبة تأثيراً مالياً أو زمنياً أو كليهما، لذا يجب توثيق جميع المعلومات خلال عملية تحديد المطالبات.

وهناك مسألة أخيرة يجب مراعاتها نظراً لأهميتها، وهي تحديد الباعث وراء كل مطالبة. فحتى تكون إدارة المطالبات ناجعة، ينبغي رصد المطالبات لحظة ظهورها، وهو أمر مهم باعتبار أن معظم الاتفاقيات التعاقدية تطالب المقاولين بتقديم إشعار رسمي عند ظهور أي مطالبات. وهذا الباعث هو الذي يساعد فريق المشروع على إصدار الإشعار الرسمي في الوقت المناسب، فضلا عن تدوين وتسجيل المعلومات الحقيقية حول تأثير هذه المطالبات على بيئة المشروع، باستخدام وسائل عديدة بما فيها الصور والأفلام. وبما أن معالجة المطالبات في المشاريع الإنشائية تعتمد إلى حد كبير على المستندات الرسمية التي تستطيع إثبات صحة رواية الجهة المطالبة، أو تساعد الجهة المقابلة على الرد وإثبات العكس، فإن هذا الباعث سيدفع فريق المشروع إلى البدء على الفور في جمع وتنظيم تلك الوثائق.
ويدير عملية تحديد مطالبات المشاريع الإنشائية عادة، فريق المؤسسة الذي يتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال. بيد أنه في بعض الأحيان، تطلب المؤسسة مساعدة الخبراء لإدارة ورشة العمل الخاصة بذلك. ويجب، بعد الانتهاء من عملية تحديد المطالبات، تدوين المعلومات فيما يعرف بـ "سجل المطالبات" حيث يتم فيه تصنيف المطالبات حسب الفئة والحافز. وسيكون هذا السجل متوافراً للجهات المسؤولة عن إدارة مطالبات المشاريع الإنشائية.

* الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "سي إم سي إس"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي