شروط عمالة آخر زمن
عندما تُحمل كل جهة مسؤولية العمالة المنزلية إلى جهة أخرى أو تتهرب من مسؤولياتها مع أن الحكومة وموظفيها مسؤولون عن هذه العمالة وما ينتج عنها من مصائب أمنية ومالية وخلقية وعقدية. وأكرر ما ذكرته في المقالة الماضية "الاقتصادية" العدد 4912 أننا في حاجة إلى جهة ما، سواء وزارة العمل أو الداخلية أو التجارة والهيئة أو جميعهم لوضع النقاط على الحروف لوضع تصور وتنظيم لحفظ الحقوق وتسهيل إجراءات الحصول على الخدمة المنزلية دون ضرر على العامل أو صاحب العمل وإنشاء شركات مساهمة وليست شركات امتياز. ونريد أن تتبنى إحدى الجهات الحكومية المذكورة هذا الاقتراح، أم نسأل مجلس الأمن القومي إن كان هذا الموضوع يدخل في اختصاصاته. إن اتخاذ بعض القرارات المطلوبة من الجهات الحكومة المعنية سيخفف العناء الذي يعيش فيه المواطن والمقيم مع هذه العمالة المنزلية الهاربة والخارجة عن القانون. وكلما مرت الأيام ازداد عدد المشتكين من هروب العمالة المنزلية بل أصبحت هي الأصل والنادر من يبقى منهم لدى الكفيل. وأصبحت عصابات تحث الخادمات المنتظمات على الهروب وتساعدهن وتشغلهن وتؤويهن حيث يطاردونهن في البقالات والأسواق والمدارس وملاهي الأطفال.
وإنني أحيي القاضي الذي حكم على خادمتين هاربتين ومرافقهن، عسى أن يكون ذلك رادعا لهم جميعا، بدل القبض والتسفير دون محاسبة.
إننا لا نمانع أن تحافظ كل سفارة أجنبية وقنصلية على حقوق مواطنيها وسلامتهم ونحن معهم، أما أن تذهب أي قنصلية أو سفارة إلى أبعد من ذلك فإننا نقول لهم حسبكم.
واستغربت مما تطلبه القنصلية الفلبينية من متطلبات وقد لا تعلم بها الجهات الحكومية وبقية أصحاب العمل الذين لديهم عمالة منزلية خصوصا لأننا لم نسمع ردة فعل إلى الآن من الجهات المسؤولة ومنها: (أولاً) أن يتصل صاحب العمل بالقنصلية بالهاتف تأكيدا لوصولها ولا أعلم لماذا نسوا أن يتصل بأهلها ليطمئنهم عليها مع أن الكثيرات يسمحون لهن بالاتصال لأول مرة لطمأنة أهليهن دون تكلفة، و(ثانياً) أن تحافظ العاملة المنزلية على جواز سفرها وجميع المستندات والوثائق في كل الأوقات وأعتقد لا مانع لدينا في ذلك عندما تلغي الحكومة فكرة الكفيل، والحمد لله عمالتهم تهرب دون وثائق والشكر موصول للقنصلية والترحيل المجاني دون عقاب أو مساءلة أو مطالبة بتعويض الكفيل، و(ثالثاً إلى سادساً) متطلبات حقوقية لهن مثل أن تعامل العاملة المنزلية معاملة إنسانية من قبل صاحب العمل ومن معه وأن يوفر لها غرفة نوم مستقلة أو لوحدها وأظن الذي لا يوجد لديه إلا غرفة مشتركة عليه أن يفرغ غرفة من غرف أولاده وأن يوفر للعاملة على الأقل ثماني ساعات راحة يومية مستمرة وهذا من حقهم . وبعد ذلك ندخل من (سابعاً إلى تاسعاً) ليبدأ صاحب العمل في تقديم واجباته للسفارة - القنصلية وذلك بالسماح للعاملة بالاتصال بالسفارة هاتفيا وهذا من حقهم وأن يسمح لها بالاتصال مع عائتلها في الفلبين أو مع السفارة - القنصلية مجانا، وليتهم يعلمون أن فلذات أكبادنا المبتعثين لم تسمح لهم حكومتنا بالاتصال مجانا بذويهم ولكنه مطلب سيرفع رؤوسنا. وأن يوصل العاملة للسفارة إذا طلب من صاحب العمل ذلك وأن يتعهد بأن يحضر شخصيا لدى السفارة - القنصلية الفلبينية عندما يحتاج إلى ذلك.
وبعد تنفيذ مطالب السفارة يبدأ صاحب العمل بتقديم خدماته إلى مكتب العمالة الفلبينية فيما وراء البحار المسؤول عن العاملة المنزلية حتى تسفيرها إلى وطنها وذلك بتعهد صاحب العمل بإبلاغ المكتب المذكور عن أي تطورات مهمة تخص حالة العاملة المنزلية أي لا يكفي عندما تهرب أن تبلغ الجوازات بل عليك أن تبلغ السفارة ومكتب العمالة فيما وراء البحار فهل سيعوضون صاحب العمل عن خسائره؟
وهذه التعهدات ليست خاصة بصاحب العمل بل يجب على أفراد عائلته أن يلتزموا بها وهو مسؤول عن تنفيذ تعهداتهم، والحمد لله لم يطلبوا توقيعاتهم والتصديق عليها. وبعد هذا فإن صاحب العمل مطالب بمعرفة أن أية انتهاكات للتعهدات المذكور بعاليه فإنه سيكون خاضعا (وأكرر) "للعقوبات حسب قانون ونظام يحكم بهما التوظيف للعمالة المنزلية من الفلبين" أو دولة المضيف. ولا أدري .. من يعمل عند من؟
وتطلب السفارة الفلبينية معلومات عن الكفيل وبعضها اعتيادي مثل الاسم والعنوان والسكن وصندوق البريد والهاتف والجوال والجنسية والمهنة وشركة الكفيل وعنوانها ..إلخ والدخل الشهري، نعم الدخل الشهري ولم يذكروا ضرورة الإفصاح إن كان له دخل آخر أو كم يصرف في السنة أو أسماء البنوك التي يتعامل معها ولكن طالبت السفارة بإثبات عن دخل العائلة وكذلك خريطة لموقع سكن العاملة وكذلك صور الكفيل وزوجة الكفيل ولم تطلب سجل الزوار ولكن طلبت أسماء أفراد العائلة وأعمارهم وصورهم ولكن لم تطلب مواقع صناديق الحديد إن وجدت في سكن العاملة أو جوالات أفراد العائلة وخصوصا زوجة الكفيل.
هل يعقل هذا الهراء؟! إن وزارة داخليتنا ليس لديها كل هذه المعلومات لكل عائلة، أليست هذه معلومات حساسة وخاصة يمكن أن تسرب وتباع للعصابات واللصوص وسماسرة العمالة الهاربة ولدول أخرى. أتطلع أن تقوم الجهات المختصة في بلادي بالنظر في أمر هذه الشروط الغريبة وحث السفارة على إلغاء هذه الطلبات الخاصة التي لاحق لها ولا لغيرها، مطالبة من لديه عمالة منزلية بذلك أو لأي غرض آخر.
وإلى أن تلغي السفارة الفلبينية هذه الشروط أجزم أن المواطن السعودي لن يقدم طلبا لعمالة مقبلة بشروط لا أغرب منها ولا أعجب.