(جاك الإيدز.... جاك الموت)

الحلقة الأولى

تم احتلال العراق.. وتم حل الجيش العراقي.... واستيقظت اتجاهات.. فكونت مليشيات.. فتساقطت جثث بالألوف.. وطارت أرواح بمئات الألوف وهرب ملايين البشر في كل مكان بعد أن تم حل الجيش الذي يمثل (جهاز المناعة) لدى الإنسان... وبمناسبة "جهاز المناعة لدى الإنسان" الذي جعله الله بالمرصاد لكل غزاة الفيروسات والبكتريات (وغيرها من مخلوقات البكتريات) هذا الجهاز المناعي الذي يحمي الإنسان.. لا يدمره إلا (محتل) شرس يدخل جسم الإنسان بمساعدة الإنسان نفسه ـ الإنسان المستهتر- فيدمر أول ما يدمر (جهاز المناعة) فيصبح المصاب عرضة لما هب ودب من ـ البكتريات ـ الكامنة في جسم الإنسان والتي كانت مكبوتة من جهاز المناعة الذي أهلكه هذا "الغازي المرعب". الذي يقود الإنسان المصاب به إلى القبر مجللا بالفضيحة والعذاب إنه "الإيدز اللعين".
وفي حلقة ماضية كتبنا عن (الذئب) وكيف كان عنيفا ومخيفا لأغنام أجدادنا وأطفالهم، حيث كانوا يرددون دائما المثل القائل (جاك الذيب جاك وليده) .. والآن ونحن في عصر (العولمة) وانتشار الأسلحة الخفيفة والثقيلة والسيارات المحصنة: انقرض (الذئب) وأصبح أسطورة في (التاريخ) ... ولكن.. مع "العولمة" انتشر خطر الإيدز الذي يهدد البشر وليس (البهم) وخطره أشد وأكبر وأكثر فتكا من جميع الحيوانات المفترسة في البر، البحر، والجو مثل أنفلونزا الطيور .. هذا (الإيدز) ـ الذي جعلنا نقول (جاك الإيدز جاك الموت) .. هذه الآفة التي تعصف بالبشر ـ وخصوصا الشباب والمراهقين ـ التي يسببها سلوك الإنسان وحده: والذي كأن الشاعر ابن الرومي يعنيه عندما قال:
سقام "عيونهن" سقام قلبي وقد يهدي السقام لك السقام

نعم قد يهدى سقام "عيونهن" إلى (الإيدز)
أو كما قال حميدان الشويعر:
أجد "حظه" يدفن فقره وأجد وصله إلى النقري
فقد يقود ذلك (المذكور) إلى هذا المرض المخيف الذي لا يرجى برؤه...
هذا المرض الذي وصفه الشاعر بشير مفتاح قائلا:
غزا شبح السيدا القلوب فأرّقا وزعزع أزواجا وهد ومزّقا
فلم تنج منه قارّة ولو احتمت بأنجع أنواع الحماية مطلقا
هوى دونه العلم المقنّن عاجزا فزادت ضحاياه وزاد تعمّقــا
لقد حددت أسبابه بسهولة ولكن ذكاء العلم في البرء أخفقا
لذا ليس يوقى من إصابة سهمه وعدواه إلا من تحذّر وأتّقــى
وباء تحدّى الفهم بالموت عنوة تسلل ما بين العباد ففرّقـــا

والأمثلة التالية تنطبق على الذين فرطوا في صحتهم الوقائية:
(يداك أوكتا وفوك نفح) ... وكذلك ينطبق عليهم المثل الشعبي (طبخك يا رفلا وكليه)، وكذلك المثل المشهور.. ( على نفسها جنت براقش) .. فأصبحوا ضحية الإيدز ثم كانت ضحاياهم أطفالهم وزوجاتهم، التي تعبر إحداهن عن حالها مع زوجها الذي نقل لها المرض بأن السعادة طبعا لم يعد لها مكان بينهما إنما الإيمان بقضاء الله وقدره والتقرب للمولى عز وجل الذي يريح النفس، خاصة أنهما يشعران في كل لحظة بدنو الأجل ويرجان من الله حسن الخاتمة وأن يطيل في عمر بنتهما وعمرها أربع سنوات وولدهما وعمره سنتان ويحفظهم الله".
مرض مميت لا يتحمل وزره سوى الذين لا يحذرون منه.. كما قال الشاعر الشعبي:
إن جاء خراب البيت من باب يرى لا بد من شيخ القبيلة يشيلها
وإن جاء خراب البيت من باب داخل تجي على شيالها اللي يشيلها

وفي الحلقة القادمة سنذكر المخيف والمرعب عن هذا العدو الشرس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي