لا سعودة دون تحديد أوقات العمل
المتابع لجهد السعودة من خلال وزارة العمل يلمس الدور المهم الذي تبذله الوزارة، وهي جهود أثمرت عن إنجاز ولا شك، ولكن هل الإنجاز في مستوى الطموحات؟ لا أعتقد حتى الآن، قد تكون العقبات كثيرة، سواء من مخرجات تعليمية أو ثقافة المهنة لممارسة أي عمل، أو تقبل الأجور المتوسطة أو القليلة، ولكن أريد التركيز على نقطة أساسية وجوهرية من كل ذلك، وهي وقت العمل للقطاع الخاص أو أن نحدد أوقات العمل في الأسواق في شتى مجالاتها، لا عمل الشركات المحدد بها كل شيء.
حين نريد سعودة العمل في المحال التجارية أيا كان نشاطها، فيجب على الوزارة أن تتابع عمل هذه المحال أو المراكز التجارية فهي تقارب 12 ساعة في اليوم أو أكثر، وهذا يستحيل معه أي سعودة مهما حاولنا من جهد، وحين تضطر محال تجارية أو مراكز تجارية أن تعمل على سعودة محالها أو مراكزها في كل أنحاء المملكة، يجب أن نتابع أوقات العمل لديها، فهي تبدأ من 9 صباحا إلى 12 أو الواحدة ظهرا، ثم من الساعة الرابعة عصرا إلى الحادية عشرة مساء، وهذا باستثناء يوم الجمعة الذي هو عمل أيضا لكن في الفترة المسائية.
هذا التوقيت هو المتبع لدينا في المملكة، وحين نطالب بالسعودة في هذا النطاق من ساعات العمل، مَن هو المواطن الذي يقبل بهذا العمل الذي لا يرحم ويعتبر قاتلاً، هذا يعني أن تكون غير متزوج وليس لك عائلة ولا أسرة، بمعنى محترف كليا لهذا العمل، ومنعزل اجتماعيا وفاقد لكل شيء، وهذا غير منطقي وغير صحيح ولا يستوي، طبعا القادمون لبلادنا من الجنسيات المختلفة، هم يعملون بلا توقف لو أمكن لهم 24 ساعة طول العام، لأنه يأتي مغترباً من بلاده لا يملك من حطام الدنيا إلا ما يلبس، فلا يُلام على عمله الدءوب ودون ملل. إذا لا يوجد توازن بين المواطن والوافد لدينا في ممارسة العمل في القطاع الخاص، وسعر صرف الريال لديه يساوي الشيء الكثير في بلاده ولا يساوي إلا ريالاً واحداً في بلادنا في ظل حجم التضخم والأعباء في حياتنا وتكلفتها المتزايدة باستمرار.
وفي تقديري الشخصي، وبحكم أنني أحد المنتمين للقطاع الخاص، أعرف أن هناك دراسات ولجاناً واجتماعات وغيره الكثير درست حل تحديد أوقات العمل، ولكن لم تصل إلى نتيجة. وأقدر لوزارة العمل بحثها عن أسباب مشكلة عدم السعودة، وسن قوانين إلزامية بالسعودة، وهذا شيء مطلوب لأبناء هذا الوطن لخلق فرصة عمل لهم، لكن عليها أن تعمل على تحديد أوقات العمل مهما تعددت المبررات والعوائق والأسباب، حين يحدد العمل بما يقارب 8 أو 9 ساعات يوميا سيكون هناك قبول ورغبة في العمل وقناعة به، سيكون هناك محفز أساسي ومهم، حين تكون هناك حقوق محفوظة في العمل وإجازات أسبوعية وسنوية، سيعتبر هذا العمل كأي عمل جاذب، لا ساعات بلا تحديد أو وقت وتخضع لصاحب العمل ورغبته، بل يجب أن يسن قانون واضح للعمل في القطاع الخاص. لا أريد ضرب الأمثلة بأوروبا وأمريكا وشرق آسيا، فهي لا تخفى على المسؤولين كيف هي منظمة ساعات العمل، وأي تجاوز هناك تكلفته للموظف أعلى وأغلى، وهذا ما يقنع الجميع بجدوى هذا العمل، بدلا من الوضع الحالي، من مطالبة بسعودة دون أسس وقواعد تحفظ حق الجميع. لن تلتزم أي شركة أو مؤسسة بتحديد العمل ذاتيا ما لم يلتزم الجميع، فمَن يلزم الجميع؟!