حماية النزاهة ومكافحة الفساد

[email protected]

استبشرت خيراً، كما غيري من محبي مملكة الإنسانية بخبر إنشاء هيئة وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، تكون من ضمن أهدافها: حماية النزاهة ومكافحة الفساد، تحصين المجتمع السعودي بالقيم الدينية، الأخلاقية، والتربوية، توجيه المواطن والمقيم نحو التحلي بالسلوك السليم واحترام النصوص الشرعية والنظامية، توفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية، وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع.
أحد الأمور التي تثلج الصدر ونحسد عليها كثيرا، هو قرب ولاة أمرنا في هذه البلاد الطيبة منا، وإدراكهم ما نعانيه ونتألم منه من مشاكل وهموم، وحرصهم على الإسراع في حلها وتذليل العقبات التي تواجه عملية التنمية وتحسين معيشة الفرد في مملكتنا الغالية.
لم ولن يكون قادتنا في يوم من الأيام من هواة الألقاب التي تسبق الاسم، بل إنهم يتشرفون بوضع لقب يحبه ويتشرف به كل من يرجو رحمة وتوفيق رب العالمين، ولم ولن يكون ولاة أمرنا ممن يتجاهل شكوانا ولا يعيرها اهتماما، بل على العكس من ذلك، كل مشاكلنا وأعظم همومنا تنتهي بمجرد عرضها عليهم – حفظهم الله ورعاهم – رغم معاناة أصحابها الطويلة بين تلك الجهة وذاك المسؤول لأشهر، إن لم تكن لسنوات، في الكثير من الحالات.
المفرح في هذا الأمر هو إنشاء هذه الهيئة ودعمها من السلطات العليا لمحاربة ومكافحة الفساد، وأطلب الله أن ييسر لها من يخافه ويطيعه ويطيع ولاة الأمر فيما سيتولاه، لأنها أمانة كبيرة للغاية في عنق من يتولى هذه المسئولية الكبيرة، وندعو له رب العالمين بالثبات والتوفيق لما يحبه ويرضاه ويرضي ولاة الأمر والمواطنين عن إنجازاته.
لقد ألقت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد حملاً ليس بالهين على وسائل الإعلام، حيث نصت الفقرة "هـ" من ثالثاً – الوسائل التي تلزم لتحقيق أهداف الاستراتيجية أن يتم اتخاذ وسائل متعددة من ضمنها الفقرة المشار إليها، التي تنص على "رصد ما ينشر في وسائل الإعلام عن موضوع حماية النزاهة ومكافحة الفساد".
هذا الحمل والمسؤولية التي ألقيت على عاتق وسائل الإعلام تحتم عليها القيام بهذه المسئولية بكل دقة وأمانة وعدم تجاهل الشكاوى وتقييد حريات الكتاب والمواطنين بحجة أن هذا يليق وهذا لا يصلح للنشر، مع مراعاة تحمل الشخص كامل مسئولية ادعاءاته وإثبات أدلته ومحاسبته في الجهات المختصة إن ثبت أن ما ينشره في وسائل الإعلام قذف وتشهير بإحدى الجهات أو أحد المسؤولين.
لقد نصت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد صراحةً على "التأكيد على عدم التمييز في التعامل وعدم النظر إلى المركز الوظيفي أو الاجتماعي للشخص" وكذلك على "العمل بمبدأ المساءلة لكل مسئول مهما كان موقعه، وفقا للأنظمة".
فهل نرى تطبيقاً واضحا وصريحاً لما نصت عليه الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وتطبيق ذلك بحذافيره، إنفاذا لتطلعات وتوجيهات ولاة الأمر في بلادنا ـ حفظهم الله؟
وهل ستقوم الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بممارسة اختصاصها، وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك؟
نتمنى تفعيل الأجهزة الرقابية المختصة وقيامها بدورها في ظل تغليب البعض مصالحه الشخصية على المصلحة العامة وتحويل بعضهم إدارته إلى مؤسسة خاصة واستغلال المركز الوظيفي، وهو إحدى صور الفساد وأشكاله المتعددة والمعقدة. والله من وراء القصد والهادي سواء السبيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي