القبلية.. تهدد الوطنية!

[email protected]

نعترف بأننا مازلنا مرتبطين بكثير من الإرهاصات التي تضر الوطنية وانتماءنا الوطني، على الرغم من أن بلدنا اتخذ كثيراً من المعاني التي تصب في مصلحة الانتماء إلى الوطن وجعله الأهم في كثير من المفارقات.
قد نتفق على أن الأحوال المدنية السعودية وعبر نظامها البيروقراطي الذي أسس قبل أكثر من نصف قرن ، لم تنح إلى نزع القبلية وتأسيس كل ماهو للوطن من خلال إبقائها على الانتماءات القبلية، وتجاوزت ذلك بتفصيلها التفصيل الكامل من خلال حفيظة النفوس "التابعية"، أو حتى أوراق القبول في كثير من المعاهد أو الكليات السعودية .
نعيش الآفاق الجديدة ونسير في ركاب التطور منطلقين من وطن واحد يرفض القبلية والتعصب، مستشهدين بقول المصطفى، صلى الله عليه وسلم، "دعوها فإنها منتنة"... وبما جعلنا وبكل فخر نتجاوز المناطقية والدعوة لها عبر التمازج السكاني الذي حدث ... لكن هيهات، أن نهنأ بذلك، لأننا نفاجأ بين الحين والآخر بخروج من يؤججها ليعيدنا إلى الخلف عشرات السنين من خلال المحورية التافهة التي يتبناها، سواء عبر الديوانيات الشعرية التي تقدمها المجلات، أو البرامج الشعرية التي باتت تتسابق الفضائيات على إظهارها أو حتى التجمعات القبلية والسلطة القائمة من خلالها.. كلها وبكل أسف تعيد العصبية بشكل سافر وبما يجعل المجتمع أكثر فرقة وانقساماً.
فها هو أحد البرامج الشعبية ذلك الذي يحمل اسم "شاعر المليون" ينفخ في كير التعصب لينشد الفرقة متجاوزاً كل شعارات المواطنة وفضائل الأخوة، ويكفي أن نشير إلى أن تعميق مفهوم القبلية مستعر جداً من خلال هذا البرنامج، ويكفي سخفاً أن كل مشارك "ينتخي" بأفراد قبيلته لكي يصوتوا له، وبكل تأكيد هذا ما يحصل!! .
إن مثل هذا البرنامج وما على شاكلته هو محورية تعصبية قائمة، تربي على رفض الآخر حتى لو كان ما لديه أفضل، ينكر كل ما يكفل التفاعل الراقي الإيجابي المثمر، وكل ما يرمي إلى التنافس الشريف والقدرة على مواكبة مثل ذلك.
مثل هذه البرامج تنتج مجتمعاً غير قابل للتنوع، رافضاً للإثراء، غير مستجيب للأفضليات التي من حوله، ربي وأسس على النظرة الأحادية!!.
في ظل هذه البرامج التافهة ... نؤكد على الألم الذي يحدث، ونحن ندرك أن كل إنسان يبني ثقافته وطرق تعامله من خلال بيئته التي من حوله والمحيط العقلي الذي ينهل منه، وما يتعلمه من مناهج حوارية وطرق كسب الثقافات، فجميعها تؤسس مفاهيمه، لكن هل مثل ذلك البرنامج سبيل للتنوع والتغيير اللذين هما سمة التطور في هذا العصر المتسارع الأحداث والمهام ؟!.
خلاصة الحديث إن على قادة ومثقفي المجتمع مهام ليست بالسهلة من حيث وجوب إدراكهم أهمية الرهان على المجتمع الواحد، والمواطنة الراقية، التي يجب أن تتخلص من كل شوائب القبلية، والانحسار التعصبي البغيض.. ومثل ذلك ليس صعب المنال فحضارتنا الإسلامية متفتحة على كل ما هو يرتقي بفكر الإنسان، منادية بكل ما يرفض العنصرية والتجذر القبلي الأعمى.. منفتحة على الفكر الإنساني، والتفضيل الذي تنادي به.. لا ترتبط بلون أو أصل.. بل بكل ما يبرز قدرة الإنسان على الانتماء إلى الكل الكامل .. لا.. إلى الفرع الضعيف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي