تأخير الأعمال .. من أهم أسباب الفساد بجميع أشكاله
قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد يعتبر من أهم خطوات الإصلاح التي يقودها الملك عبد الله بن عبد العزيز شخصيا، ويوليها جل اهتمامه.. ونص القرار على (أن في مقدمة أهداف الاستراتيجية تحقيق حماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد عن طريق وسائل عديدة من أهمها إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها ووضع برامج وآليات تطبيقها وقيام الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بممارسة اختصاصاتها وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك وتقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه وفقا للأنظمة).
وعلى الرغم من أن هذا الكلام يبعث على الراحة والطمأنينة فإن تنفيذه سريعا سيكون بلسما لجراح من مس الفساد والتأخير في إنهاء الإجراءات الذي يسمى "بيروقراطية" حياتهم ومصالحهم وعطل مشاريعهم وأصابهم بالإحباط.
ولو نظرنا في أشكال الفساد لوجدنا أن تأخير الأعمال.. هو الأصل والسبب الرئيسي في معظم أشكال الفساد، فالواسطة والرشوة والتحايل على الأنظمة تنمو وتزدهر في ظل تعقيد وتأخير إنجاز الأعمال. وليسمح لي الدكتور عبد الرحمن الزامل أن أختلف معه للمرة الأولى مع أنها مهمة صعبة، أن تختلف مع متحدث وكاتب لاذع ومقنع وصاحب تجربة مثل الدكتور عبد الرحمن الذي قال في مقابلة تلفزيونية منذ يومين (إن مشكلة البيروقراطية لن تحل إلا بوعي المواطن الموظف بأن عليه إنجاز العمل سريعا بصرف النظر عما إذا كان المراجع قريبا له أو لا يعرفه).
أختلف معه حول هذا الكلام لأن مسألة الوعي وتغيير الثقافة قد تستغرق عقودا.. بل قرونا من الزمن أحيانا.. ولذا فإن البديل الأسرع هو الحزم والمتابعة.. وهناك تجربة حية وماثلة للعيان وهي توجيه صدر من الملك عبد الله بن عبد العزيز (حينما كان وليا للعهد) بإنجاز المعاملات والرد على أي استفسار يوجه منه للجهات الحكومية في مدة لا تتعدى ثلاثة أيام للأمور العاجلة وسبعة أيام للموضوعات العادية.. وبذلك وضعت دورة ومسار محدد بالوقت لأي معاملة.. وأي جهة تمكث لديها المعاملة أكثر من الوقت المحدد، تخضع للمساءلة.
وهذا الإجراء لو طبق في جميع الجهات الحكومية لمعاملات المراجعين لأرسى دعائم الثقافة والوعي اللذين يدعو إليهما الدكتور عبد الرحمن الزامل.. وبدون أسلوب الحزم قد يستغرق زرع تلك الثقافة وإيجاد ذلك الوعي في أي بلد من بلدان العالم الثالث سنوات وسنوات قد تطول.
وأخيرا: أجهزة وأنظمة الرقابة موجودة.. ولكن تفعيل دورها غير موجود ولعل هيئة مكافحة الفساد تجمع شتات هذه الأجهزة والأنظمة وتوظف لها كفاءات تحسن تطبيقها وتعيد صياغة آليات عملها بشكل يجعل مكافحة الفساد بجميع أشكاله ومهما كان موقع المسؤول المقصر أو المتورط فيه.. عملية مستمرة ومنظمة.. ولن يتم ذلك إلا بفتح قنوات مباشرة بين الهيئة والمواطنين للتقدم بما لديهم من شكاوى موثقة دون خوف من الانتقام أو تعطيل أعمالهم.
ركاب الدرجة الأولى في مطاراتنا
الدرجة الأولى لدى شركات الطيران العالمية لها من المزايا ما يقابل سعرها المرتفع أما لدى الخطوط السعودية.. فإن الفرق في وجبة الطعام فقط، وعلى الأرض لا تجد إلا صالونا مزدحما وخدماته متواضعة جدا.. بل إن الجلوس خارجه أفضل إذا كان الجو حارا وحتى في مطارات مدننا.. يأتي رجل الأعمال الأجنبي الذي دعي للاستثمار في بلادنا فيرى أمامه صفا طويلا من العمالة عند الجوازات.. فلماذا لا يكون هناك صف لركاب الدرجة الأولى لكي يشعروا أن لهم ميزة وأنه مرحب بهم لجلب رؤوس أموالهم التي تجد الترحيب في البلدان المجاورة؟!