هل سيحدث ركود عالمي؟
تتزايد التوقعات بحدوث ركود اقتصادي عالمي في العام الجاري، إلا أن أحداً لا يستطيع أن يجزم بوقوع ذلك، بينما التفاعلات التي تركتها التعريفات الجمركية الأمريكية في الساحة، لا تزال في مسار "التكوين"، بفعل تأجيل تنفيذها لمدة 90 يوماً، وعدم وضوح الرؤية حول شكل ومستويات هذه الرسوم عموماً في أعقاب هذه المدة. التسويات واردة، والمفاوضات بدأت بالفعل بين واشنطن، وعدد من العواصم، وحتى المرونة ممكن أن تحدث من الجانب الأمريكي، الذي يسعى (كما يقول) إلى تجارة عالمية لا تظلم الولايات المتحدة.
فمخرجات التعريفات لا تزال بعيدة عن المشهد، ولا سيما تلك التي تخص الجانبين الأمريكي والصيني. بكين رفعت "سلاحها" التجاري فوراً، وهي مستعدة لمعركة طويلة، بل وحتى حرب تجارية مع أكبر اقتصاد في العالم.
بالطبع ليست التعريفات الجمركية السبب الوحيد لإمكانية دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود هذا العام، هناك عوامل كثيرة، من بينها ارتفاع الدين العام الذي من المتوقع أن يصل إلى 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية العقد الحالي، كما أن إمكانية عودة الاضطرابات لسلاسل التوريد في الفترة المقبلة حاضرة ولم تختف.
يضاف إلى ذلك، هدوء موجة خفض الفائدة بعض الشيء من قبل البنوك المركزية الرئيسة حول العالم، خوفاً من عودة التضخم إلى الارتفاع، بعد أكثر من 3 سنوات من وصول أسعار المستهلكين، إلى مستويات عالية للغاية. لكن، بلا شك تبقى الآثار التي ستتركها الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، الدافع الأول لوصول الركود إلى الساحة العالمية.
في الأسابيع الماضية، تم بالفعل تخفيض كل التوقعات حول النمو العالمي، من 3.3 إلى 2.7% للعام الجاري. فالركود يحدث حتى في ظل نمو ضعيف، خصوصاً عندما يصاحب ذلك ارتفاع في معدلات البطالة. وفي ظل تعريفات مرتفعة جداً، ستنخفض مستويات الإنفاق في أوساط الأسر، إلى جانب طبعاً هبوط في استثمارات الشركات.
والمسألة الأخرى المتعلقة بالرسوم، هي تلك الخاصة بتراجع الثقة، وتوسع دائرة عدم اليقين، ما يزيد الضغوط أكثر، ويدفع بالركود إلى المقدمة. الفترة المقبلة حتى يوليو المقبل، ستكون حساسة، وسط أجواء من الترقب القلق.
ولا شك، في أن المخرج الوحيد للحالة الراهنة، هو الوصول إلى تفاهمات مقبولة لكل الأطراف على الصعيد التجاري. الجميع يعرف، بأنه لن يكون هناك منتصراً في حرب تجارية مفتوحة، تضم المنافسين والشركاء وحتى الحلفاء. العالم، لا يتحمل بالفعل مرحلة ركود، ولو كانت قصيرة. هو عاشها لعدة سنوات منذ مطلع العقد الحالي، ولا يزال يمر بمرحلة الخلاص من آثارها.