هل يبالغ المستثمرون في تقدير مخاطر الأسواق الصاعدة؟

بعثت مجموعة العشرين رسالة قوية مفادها ضرورة أن تكون بنوك التنمية متعددة الأطراف "أفضل وأكبر وأكثر فاعلية". وهذا هو العنوان الرئيسي لخطة الإصلاح التي اعتمدتها مجموعة العشرين في نوفمبر 2024، التي لا تحدد المسار المستقبلي فحسب، بل كيف السبيل إليه من خلال خريطة طريق مفصلة تتضمن 13 توصية و44 إجراءً.  ويتمثل جزء رئيسي من هذه الإرشادات في أن تقوم بنوك التنمية متعددة الأطراف بتعبئة وجذب مزيد من رأس المال الخاص من أجل التنمية، إلى جانب الجهود الرامية إلى توفير مزيد من التمويل من خلال جهود الرفع المالي استناداً إلى مراكزها المالية القوية.
وهو هدف تتحرك مجموعة البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى بسرعة لتحقيقه، مع وجود مستهدفات طموحة قريبة الأجل تلوح في الأفق. ويشمل ذلك تعبئة 65 مليار دولار لأنشطة التمويل المناخي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بحلول عام 2030. كما يؤدي القطاع الخاص دوراً محورياً في تحقيق هدف مجموعة البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية المتمثل في توفير الكهرباء لما لا يقل عن 300 مليون شخص في إفريقيا بحلول 2030.
ليس هناك من شك أن الاستثمار في الأسواق الصاعدة ينطوي على مخاطر، بدءاً من انخفاض قيمة العملة وعدم اليقين بشأن اللوائح التنظيمية وصولاً إلى صعوبات إنفاذ العقود. ولكن إجمالاً، ما مدى المخاطر التي تواجه هذه الاستثمارات؟ الإجابة على هذا السؤال أصبحت موضع تركيز كبير بفضل الاتحاد العالمي لقواعد بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة، وهو مبادرة تضم 26 من بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الإنمائي.
ويدحض تحليل بيانات الاتحاد العالمي لقواعد بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة  الذي قامت به مؤسسة التمويل الدولية، ذراع مجموعة البنك الدولي المعني بالتعامل مع القطاع، التصور السائد بأن الأسواق الصاعدة هي بيئات عالية المخاطر.
فإذا أخذنا، على سبيل المثال، متوسط معدل التخلف عن السداد، البالغ 3.6%، سنجد أداء القروض المقدمة لشركات القطاع الخاص وفق بيانات محافظ الاستثمار والمشروعات للاتحاد العالمي لقواعد بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة مماثلاً لأداء كثير من الشركات ذات التصنيف غير الاستثماري في الاقتصادات المتقدمة.
والأهم من ذلك أننا نجد معامل ارتباط منخفض بين معدلات التخلف عن السداد في الأسواق الصاعدة العالمية وفق بيانات محافظ الاستثمار والمشاريع للاتحاد العالمي لقواعد بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة بالنسبة للشركات الاستثمارية العالمية، ومعدلات التخلف عن السداد على مستوى العالم للشركات ذات تصنيفات المخاطر المماثلة. وخلال الفترات الست الرئيسية التي شهدت ضغوطاً اقتصادية عالمية على مدى العقود الثلاثة الماضية، لم ترتفع معدلات التخلف عن سداد الديون في الشركات العاملة في الأسواق الصاعدة بالقدر نفسه الذي ارتفعت به معدلات التخلف عن السداد بالنسبة للشركات ذات التصنيف المماثل في الاقتصادات المتقدمة.
ولكن ماذا يحدث عندما يحدث التخلف عن السداد؟ تظهر إحصاءات الاتحاد العالمي لقواعد بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة أن هذه الأصول (الشركات) تتمتع أيضا بمعدلات استرداد أعلى من المتوقع. وفي المتوسط، يحقق المستثمرون معدلات استرداد لاستثماراتهم وفق بيانات قروض اتحاد قواعد بيانات الأسواق الصاعدة في الشركات المماثلة من القطاع الخاصة بنسبة 72% بعد التخلف عن السداد، وهذا الأداء أعلى من أداء قروض موديز العالمية البالغ 70%، والسندات العالمية لوكالة موديز بنسبة 59%، وسندات الأسواق الصاعدة الصادرة عن بنك جي بي مورغان بنسبة 38%.
 كما يمكنها تقديم خدمات استشارية للشركات لتحسين إدارتها المالية وحوكمتها، فضلا عن هيكلة المشاريع وتمويلها والإشراف على تنفيذها طوال مدة أجل القرض. وتساعد هذه الإجراءات على التخفيف من مخاطر المشاريع ومخاطر المقترضين، وتسهم في خفض حالات التخلف عن السداد ورفع معدلات الاسترداد. والشواهد واضحة جلية.ومن خلال دمج الأسواق الصاعدة في محافظ الاستثمار العالمية، لن يستفيد المستثمرون من التنويع فحسب، بل يمكنهم أيضا القيام بدور في دعم جهود التنمية طويلة الأجل في الاقتصادات الأشد احتياجاً. ويبشر هذا بالخير الكثير في المستقبل الذي سيتحقق بناءً على دعوة مجموعة العشرين إلى زيادة رأس المال الخاص من أجل التنمية، وقدرة بنوك التنمية متعددة الأطراف على الاستجابة لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي