مستعمرات الشينكو!

[email protected]

الشينكو، عنصر اجتماعي حاضر يعيش وأتخيله أحياناً يتنفس بيننا! وقصة الشينكو أتت لمجتمعنا مع نقيضها، والنقيض هنا هو الفيلا، والفيلا هي وليدة المفهوم الأوروبي المدني للسكن بشكل مستقل. والمتأمل في وضع "الفلل" في البلاد يحزن بسبب ما اكتست به من سواتر "شينكويّة" امتدت حتى ألغت مفهوم المسكون وأحالته إلى "مستور" برتبة قبيح!
حرصت كثيراً على أن أسوّق لهذا المفهوم في أوساط الأقارب، ولكن ما سمعته من شكوى أخافني وتركت مجالاً للتفهم في سعي الناس وتسابقهم على تشويه منازلهم بهذا الصفيح الناتئ في كل اتجاه. فقصة أحدهم تقول: "سكنت وأولادي بيتنا الجديد، وكنا نستمتع بالتجوال في حديقة المنزل ونستشعر بتلذذ أن يكون لدى المواطن "حوش" يخصه وحده، وبعد ثلاثة أشهر انتهى المنزل المجاور وسكنه صاحبه وأولاده. وأول ما فوجئت به هو مثول الجار الجديد في شباك أحد غرف منزله واستمتاعه بإلقاء نظرات فاحصة على الجميع بمن فيهم أهل بيتي أثناء انشغالي بالاعتناء بالحديقة مع أولادي، ولم يتنبه للأمر سوى أحد أطفالي الذي بادرنا ببراءة قائلاً: "هذا مين يا بابا؟"
يقول الرجل: "المشكلة إن جارنا الجديد رجل على مشارف الستين، ومتزوج من امرأة شابة وله منها صغار أربعة، واتضح مع الوقت أن هواية التلصص على الجيران أمر شائع لدى جميع أفراد العائلة، فبعد أيام تكرر ظهوره في الشبابيك بزوايا جديدة ومدروسة، ثم بدأت زوجته في ممارسة "الطقوس" نفسها، تلاها أطفالهما الأربعة، وكانوا لا يكفون عن توجيه التعليقات التي تطالب أطفالنا بالتوقف عن ترديد الأناشيد في عقر دارهم!"
وإذا اكتفينا بهذا القدر من القصة، وأخذنا في الاعتبار أن سبعة مجربين من أصل عشرة أتوا بقصص مشابهة في تلك الليلة للتأكيد على وجود هذا الخلل الاجتماعي، فإننا سنصل إلى نتيجة حتمية مؤكدة مفادها أهمية سيادة ثقافة الشينكو، وأن ما حصل من تقبيح لأجمل التصاميم المعمارية كان بسبب الحاجة ولس بسبب "بارانويا" اجتماعية غير مبررة!
ولهذا فإنني سأصارحكم بأنني بدأت أخشى أن نكون قد أسهمنا بشكل مباشر في ندرة الشينكو في الأسواق العالمية وتحويله مع الوقت إلى سلعة نادرة، وهنا أتقدم لوزارة الصناعة برجاء طالباً الإسراع في التدخل لدعم المصانع للخروج بفكرة مطورة من الشينكو نكون بموجبها قادرين على توفير "لفائف" من الشينكو المطور في البقالات والهايبرماركت وخلافه، وإلا سيكون وضع الجيل المقبل محرجاً نظراً إلى التوسع العمراني المخيف في المدن السعودية كافة.
أنقذونا يا صناعيةن!

حاضر

نجيب الزامل، يكتب عن صاحبكم في مقتطفاته الجمعوية كلاماً ملؤه الحب والاعتداد، كعادته مع مخزون البلاد الإنساني على تنوع ألوانه. وقد أسعدني كثيراً أنه لاحظ أنني رسام كاريكاتير بالوصف الذي أضفاه على كاتب هذه السطور. وللحقيقة، وبسبب مزاجيتي في القراءة فإنني لم أكن في وقت سابق ممن يعرفون نجيب الزامل، ولفت نظري إلى كتاباته صديق غالٍ قال لي: "اقرأ لهذا الرجل فهو من الطراز الذي ما إن تبدأ بقرائة مقاله إلا وتجد نفسك مضطراً لإنهائه حتى آخر كلمة". وأخذت بالنصيحة فوجدت الرجل كاتباً مع سبق الإصرار والترصد!
أشكر نجيب الزامل وأقول: الشباب يا أستاذ نجيب شباب القلب، ومشكلة الأجيال لم تكن في يوم من الأيام عقبة في وجه الفهم والتفاهم، مكرراً تثميني لعذب ظنكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي