لماذا التمكين الاقتصادي للمرأة؟ (3-3)

[email protected]

في المقال السابق ذكرت ما حدث خلال ندوة تمكين المرأة التي تمت يوم الأربعاء 27 ذوالحجة 1427هـ وبتنظيم مكتب دعوة الجاليات.
وبعد عرض الحقوق الاقتصادية التي أعطاها الإسلام للمرأة وكذلك الحقوق الاقتصادية التي قدمتها الدولة للمرأة وذكر أرقام وإحصائيات عن المرأة السعودية في مختلف المجالات.
والصدمة التي أصبت بها وغيري من الأخوات الحاضرات، عندما بدأ النقاش بدأ النقد بدعوى أنني أطلب في ورقتي أن تخرج جميع النساء السعوديات للعمل، وأن هذه دعوة الغرب وأنني أدعو لخراب البيوت وسوء تربية الأطفال لأنهم سيتركون مع الخدم لأن الأم ستخرج للعمل؟؟؟
والواقع أن الأخوات اللاتي اعترضن على المعلومات والاقتراحات التي تم طرحها في ورقة العمل افترضن أن المجتمع يوجد به حالة وفئة واحدة من النساء وهي الزوجة والأم والتي لديها أطفال وخادمة ومستواها الاقتصادي متوسط وتخرج للعمل لأنها متعلمة ولا بد أن تستثمر علمها، وكأن المجتمع السعودي لا يوجد به فئات أخرى من النساء، فئات رأيتها وعشت معها أياما وشهورا كمعلمة ومدربة ومرشدة وصديقة وأحياناً كأم وأخت.
نعم رأيت من النساء المتفاوتات في العمر من سن 18 سنة وحتى 55 سنة من ترغب بالعمل من أجل 800 ريال شهرياً فقط وتقطع مشوارا يوميا 60 كيلو ذهاباً و60 كيلو إياباً، وتشعر أن هذا هو خلاصها، لأسباب مادية أو حتى لأسباب نفسية، وبعضهن فتيات والبعض الآخر متزوجات وكثير منهن خلفها رجل يدفعها للعمل أب أو أخ أو زوج أو ابن يدفعها دفعاً للعمل كي يحصل على هذه القروش لسد متطلبات الحياة الأساسية الضرورية مثل الأكل والشرب والملبس والسكن وفواتير الكهرباء والماء أو حتى كي يستولي عليها لأغراضه الخاصة.
هذه الفئة من النساء التي أرغب بتوعيتها كي تتمكن اقتصادياً كي تنتج أفضل وتحصل على عائد مادي أفضل وتعيش حياة كريمة تليق بالبشر.
رأيت فئة من النساء اللاتي لديهن الضروريات والأساسيات والتي يوفرها لها وليها، ولكنها ترغب هي ووليها بنوعية من المعيشة أفضل، وتستطيع المساهمة في رفع مستواها المعيشي بالعمل فلماذا لا تقوم بذلك وتساعد على توفير حياة كريمة لنفسها وعائلتها بشرط عدم التفريط في حقوق أسرتها وأطفالها.
هذه الفئة التي أتمنى أن تحصل على التمكين الاقتصادي كي لا تتنقل بين الوظائف والأعمال ولا تعرف كيف تستثمر وقتها وعلمها ومالها.
وهناك فئة من النساء اللاتي عملن طوال حياتهن في وظائف حكومية وبعد التقاعد تسربت الأموال التي جمعنها بسبب الجهل أو العبط أو الطيبة أو حتى الأسهم.
هذه الفئة من النساء التي أرغب في أن يتم تمكينها اقتصادياً وتوعيتها بطرق الاستثمار والخيارات الأفضل لها والمناسبة لقدراتها.
فهذه الفئات من النساء المذكورات أعلاه أعرفهن شخصياً، رأيت التشرد والدموع والألم والجوع وانقطاع الماء والكهرباء والحاجة لعملية جراحية سريعة، وكرسي المقعد، والعمياء التي بحاجة إلى عمل كي تعيش فقط. لن أرضى أن نقف وننتظر الإعانات حتى تصرف (هذا اذا وجدت أصلاً).
بل سأظل أنادي بتمكين المرأة اقتصادياً..
لقد توصلت الأبحاث والدراسات الميدانية إلى أن الفقر وانعكاساته على سوء التغذية والوقاية والعلاج يلعب دوراً واضحاً في وفيات الأطفال، وهناك مؤشرات متعددة على ضعف أطفال الأسر الفقيرة من حيث معدلات وفيات الرضع والأطفال وسوء التغذية وتزايد عدد الأطفال المعاقين، لذا يجب أن تمكن المرأة اقتصاديا.
وملخص ما اقترحته هو العمل والتدريب أولاً وخاصة في تطوير قدراتها الذاتية ودراسة برامج تدريب محددة تساعدها على البدء وخاصة في الموضوعات التالية:
دور المرأة في المجتمع، ‏التعلم والمشاركة في تحديد الاحتياجات وترتيب الأولويات، كيفية بناء التحالفات النسائية مع الجهات المختلفة، تنمية مهارات الاتصال، مهارات القيادة، مهارات التفاوض، مهارات بناء وإدارة فريق العمل، مهارات صنع القرار وحل المشكلات، وبناء وإدارة المشروعات الصغيرة.
وأهم نقطة ذكرتها أن العمل أولاً وأخيراً ليس أمرا إلزاميا على كل النساء بل هو أمر اختياري لمن تحتاج وترغب وتقدر وتستطيع ومؤهلة لذلك.
ولم أستخدم أو أشر في ورقتي أبداً لأي برامج ومقترحات عالمية مثل مقترحات مؤتمر بكين واتفاقية السيداو ولا مفهوم الجندر أو مفهوم المجتمع الذكوري ولا مفهوم تحرير المرأة والتي ذكرتها وحذرت منها الدكتورة نور السعد في ورقتها.
فورقتي تقترح حلولا وبرامج بسيطة مناسبة لمجتمعنا أي فعالية وبناء وليس هتافات وإثارة.
فمن يشرح لي أين ما يظنونه تقليداً للغرب؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي