"الهلال الأحمر" في شقراء يعاني
منذ أكثر من 30 سنة وجمعية الهلال الأحمر في شقراء تعيش في مبنى أشبه ما يكون بالكهف, حيث يقع في منخفض من الأرض, مبنى متواضع موحش لا يليق برجال يسهمون, بمشيئة الله, في إنقاذ حياة الناس. والحمد لله أن المعاناة من هذا المبنى ستنتهي قريبا, حيث تم الانتهاء من تشييد مبنى جميل وواسع وفي موقع على شارع عام بتبرع كريم من الشيخ عبد الرحمن الرقيب وإخوانه, لكن معاناة الهلال الأحمر في شقراء ليست من المبنى فقط, بل هذا جزء بسيط من سلسلة طويلة. حيث قلة الكادر الوظيفي فيه, إذ لا يوجد فيه سوى ستة مسعفين وسائقين اثنين يتناوبون العمل, حيث يعمل كل مسعف 12 ساعة لمدة ثلاثة أيام ويرتاح ثلاثة أيام ومعه سائق. مسعف واحد وسيارة واحدة تغطي محافظة شقراء كلها من القصب إلى الداهنة, ومن نفود السر إلى أم حزم إلى أثيثية. هذه المساحات الشاسعة كيف لسيارة إسعاف واحدة ومسعف واحد أن يغطيها, وفي حالة حصول أكثر من حادث أو حالة إسعافية فعلى الهلال الأحمر أن يباشر واحدة والبقية عليها الانتظار, وكذا في حالة مباشرة حادث, إذ لا يستطيع المسعف وحده أن يقوم بإسعاف الحالات كلها, لكنه يبدأ بالمهم, وعلى بقية من وقع عليهم الحادث أن يدبروا حالهم. إنني أندب حظ من يقع له حادث أو حالة إسعافية في تلك المحافظة نظرا لضعف الإمكانات وعدم تحسنها منذ قديم الزمن حتى الآن. الإصابات في الحوادث تحتاج إلى كل دقيقة, فكيف إذا كان الأمر كما في محافظة شقراء, وقد لا يأتيك (الهلال الأحمر) أصلا نظرا لانشغاله بحادث آخر أو بحالة إسعافية في أحد المنازل. فالسيارة واحدة والمسعف المناوب واحد. قد يتدخل السائق ويسهم من باب الشهامة في إسعاف المصابين الآخرين. هذا النقص في المسعفين والسائقين والسيارات يسهم في إضعافه أيضا أن هؤلاء المسعفون والسائقون لا يصرف لهم بدل تغذية طوال وقت المناوبة فهم يأكلون ويشربون على حسابهم الخاص, مما يزيد من معاناتهم. كذلك فإن السائق يقود السيارة وهو يفكر ألا يصيبها مكروه حتى لا يتحمل إصلاحها على حسابه, حيث إن سيارات الهلال الأحمر غير مؤمن عليها. كذلك جهاز الاتصال في سيارة الإسعاف لا يستطيع الاتصال بالمركز في شقراء إذا ابتعد عنه أكثر من عشرة كيلو مترات, لذلك يضطر المسعف أو السائق إلى الاتصال من جواله الخاص. يتعطل الفاكس في المركز فيظل دون إصلاح عدة أشهر لعدم توافر الإمكانات المادية لدى المركز لإصلاحه. ومن مظاهر ضعف الإمكانات في الهلال الأحمر في شقراء أننا لا نشاهده في المناسبات كالاحتفالات والمهرجانات والمسابقات والمباريات, حيث تحدث دائما حالات إغماء أو نزيف أو كسر أو غيرها فيتم نقلها بواسطة السيارات الخاصة رغم ما في ذلك من خطورة على الشخص المصاب, لكن هذا هو الحل في ظل غياب (الهلال الأحمر) وهو معذور فهو لا يستطيع أن يوجد ويقوم بما يجب, نظرا لضعف الإمكانات البشرية. هذه المعاناة التي في شقراء أعتقد أنها في معظم المحافظات والمناطق لكن أملنا كبير في الأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز أن يعالج هذه المعاناة التي تراكمت منذ عقود, وقد بدأ سموه فعلا بذلك حيث قام بزيارات شخصية لمعظم المناطق, ونتمنى أن تشمل المحافظات أيضا. ونعرف أن ما تراكم خلال كل تلك السنين لا يمكن أن يتم حله خلال أشهر, لكن الأمل كبير وسموه الكريم خير من يداوي المعاناة.