جدة وفوضى الأسواق
E-mail: [email protected]
فوضى غير ذكية أودت بأسواقنا التجارية وأقحمت بها "الأحياء السكنية" وعلى سبيل المثال مدينة جدة. فمن يسير في أحد شوارعها التجارية مثل "شارع حراء" المكتظ دائما بفعل وجود أكثر محال بيع الطعام والحلويات ولوازمها خاصة تلك المطاعم ذات (الوجبات السريعة) المسماه "التيك أواي" .. من مأكولات أجنبية وشعبية. ولأن الشارع مزدحم فالسيارة تسير بالطبع زحفا، عندئذ يجبرك هذا الزحام على التلفت في كلا الاتجاهين لتصطدم عيناك بعشرات المحال "المتضاربة" ذات الأنشطة المختلفة، ولك أن تتصور هذا الذي يحدث، وليسمح لي قارئي العزيز أن أنقل له بعض المشاهدات ليشاركني الضحك والاستغراب، فمثلا تجد أن هناك محل مضغوط وملاصق له الجدار في الجدار "مغسلة ملابس"، وفي الجهة الثانية "محل حلاق".. وفوقه عيادة أسنان، تتكرر هذه المحال لتصطدم عيناك أيضا بمحال أخرى، فمطعم الأسماك بجوار محل لبيع "العطورات الشرقية"، فتنبعث رائحة السمك الطازج جنبا إلى جنب مع رائحة الدخون، ولك أن تتخيل ما يحدث للمشتري من هذا أو ذاك. ناهيك عن وجود صيدلية ملاصقة لمحل كشري وفول وطعمية، أمامهم على الرصيف باعة الفاكهة والخضراوات والبصل والنعناع، بضائع متضادة وأنشطة متنافرة وعجائب لا تجد لها "سببا" إلا أنها الفوضى "الغبية". أضف إلى ذلك "البنشرجي" ومغسلة سيارات وخياط الملابس الرجالية .. إلى ما لا نهاية من محال "تتقاطع" مصالحها. كل هذا والناس ترتاد هذا المكان وذاك وتتزود بكل حاجاتها بدون أن تفرق بين رائحة الثوم ورائحة العود.. هل هذا يمكن لنا إدراجه تحت بند "اللا مبالاة" أو الاستسلام والتعود على هذه الفوضى في الطعم واللون والرائحة؟ فكيف بالله عليكم يمكن لأحد أن يحضر ملابسه "المتسخة" ليتم تنظيفها في مغسلة مجاورة لمطعم كباب؟ أو كيف له أن يدخل محل حلاقة، وهو مشترك مع مطعم أسماك، كيف يحدث هذا؟ إذا كانت أمانة جدة والبلديات التابعة لها سمحت بذلك تحت أي آلية .. فكيف للمتسوق أن يحضر بكامل قواه العقلية وبمحض إرادته لأخذ ملابسه الجديدة "المبخرة" برائحة المضغوط والأسماك المطعمة بالبهارات النفاذة؟ إنها مشاهدات يومية، وتزداد هذه الفوضى في عدة شوارع داخلية وخارجية ولا نعلم، أليس هناك "قسم تجميل" لهذه الشوارع التي اختلط فيها الحابل بالنابل؟ هذا كله "كوم" والبشائر التي تبشرنا بها أمانة جدة "كوم آخر"، فالجميع يبشرنا بشوارع حالمة وعالمية.
نحن لا نطالب بهذه "الأحلام" الإعجازية نريد فقط نظافة ورصف وإنارة وتشجير الشوارع الداخلية والخارجية وسد الحفر وردم المستنقعات وتهذيب الأنشطة التجارية وقتل "البعوض" وتدمير الفئران وقتل الصراصير وطرد الغربان، لو استعانوا بالجيش الأمريكي لفعل ذلك فليس لدينا فاعل. فهذه الحشرات الزاحفة والطائرة والقافزة احتلتنا وسرقت النوم من عيوننا وسممت مياهنا، هل لنا بمن "يفزع لنا" لنصرخ بأعلى أصواتنا؟
(وا أميناه وا عادلاه).
خاتمة: هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟