الحوار بين البريد ومنتقديه!!

[email protected]

لست بصدد وضع أسس للحوار المنطقي الذي يجب أن نكون عليه، ولست مخولا بتبرير الأخطاء التي يقع فيها البعض، خاصة ممن نحسبهم مثقفين مدركين .. لكن لا بد من التوقف عند بعض الإرهاصات التي تسيء إلى حوارنا وتحاورنا فيما بيننا .. وعليه أشير إلى أنني كنت من بين كثيرين شاهدوا اللقاء الحواري الذي بثته القناة الإخبارية على مدى يومين متتاليين وسط الأسبوع الجاري، وكان ضيفه الدكتور محمد بنتن مدير عام البريد السعودي والزميل الكاتب الصحافي حمد الباهلي .. وكم أسفت للغة المتشنجة التي كان عليها محاورو الدكتور بنتن خاصة من المتصلين "المرتب لهم مع القناة" ، لأنه كان من الممكن أن نصل ومن خلال البرنامج إلى نتائج إيجابية عن حال البريد السعودي وما نريده من هذا البريد.
الحوار ومن "طرف" المنتقدين لم يخل من الانفعال وكأن بنتن لم يختر المذبح الصالح للأضحية ، وهو الذي يشير مراراً إلىأن تلك الإجراءات كلها تمت عن طريق مجلس الوزراء ، لكن "ما باليد حيلة" وكاتبنا المرموق كانت شكواه من عطب أصاب حائطه .. لا تقنية كان بمقدورها أن تخدمه!
ما علينا، لكن لسنا من يزعم أن البريد هو المثالي وأدواته والقائمون عليه هم المحقون ... لكن كانت هناك سبل للحوار وأدوات للنقاش تفيد ولا تضر... أدوات لا تعني أن هناك عشرات المقالات التي منع نشرها ، وكأن المسألة شخصية بين الكاتب والبريد ... بل معنية بنقد إصلاحي يشمل كل مؤسسة يظهر فيها الخلل .. لكن حين يكون التركيز على واحدة ..فذلك فيه الكثير من التساؤل والتوتر .. ولا أخاله إلا كأنه شأن شخصي رغم أن مواطن الخلل تخص مؤسسات كثيرة وتحتاج إلى النقد والتقويم.
البرنامج كان حسرة على لغة الحوار التي نحتاج إليها من كتّابنا ومثقفينا لأن نبرة الهجوم الانتقامية حلقت عالياً، ناهيك عن أن هناك تأكيدا على أن ما يحدث من البريد فعل غير شرعي وجب اجتزاؤه .. وأسأل لماذا لا يحول هؤلاء خطابهم القاسي إلى الخبراء في مجلس الوزراء الذين وافقوا وأقروا التوجه،أم أن في الخيارات ما يؤلم؟!!.
ما شاهدته عبر القناة الإخبارية كان موجعاً إلى الحد الذي دفعني إلى تتبع كل كلمة فيه لأجد أن التركيز كان في معظمه شخصياً يهدف إلى تصوير أن ما يتم عمله هو فعل آثم بحق الوطن، لأجل أن يعلو اللطم والعويل على الفضائل والمكتسبات التي وأدها البعض .. ولأجل ماذا ؟! حتى يمتعض الناس من هذه الصناديق ويرفضونها ولا بأس إن حطموها، رغم أنهم لم يتلمسوا بعد نتاجها.
بصفة عامة، نستطيع أن نصل إلى نتاج جيد من حيث أسعار الخدمة، وإلى فعل مقبول من حيث الجودة .. لكن كان حرياً أن ننتظر العمل كي نستطيع تقييمه وتقويمه. قد يكون لنا بعض أو كثير من الملاحظات على أخطاء تحدث و لم يلحظها المشرع، كعدم مراعاة دخل الأفراد أو ما تقتضيه الخدمة البريدية من تكاليف، ولكن لا يجب رؤية الموضوع من هذه الزاوية الضيقة فقط، نذكر الإيجابيات والسلبيات بتفعيل الأولى والقضاء على الثانية .. والأهم الأكبر أن هناك مؤسسات حكومية كثيرة تحتاج إلى النقد .. لكن يبدو أن الحسابات لاتقدر"بكسر الدال" .. والاختزال في واحدة لا تستطيع دفع كل الضيم الإعلامي .. أفضل .. وأسلم !!.
وأخيرا نشير إلى أن أعمال البريد يجب أن تناقش وتدرس من أجل تطويره نحو الأفضل، لكن وفق خطاب يكون أكثر حكمة ومنطقية .. لا تلاسناً وانفعالاً غير مبررين، وإن كنت أحيي مدير البريد على هدوئه واتزانه أمام الهجوم الضاري على مؤسسته، كنت أتمنى أن يكون ترتيب اللقاء من قبل القناة وفق ما يؤدي إلى العقلانية والهدوء، والأهم توخي الفائدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي