لا يوجـــد سريـــــر!

[email protected]

قبل عدة أيام أتصل بي أحد الزملاء في ساعة متأخرة من الليل وكان يتحدث بلغة الملهوف وبادرني قائلا: هل تعرف أحداً في مدينة الملك فهد الطبية ؟ قلت له: نعم أعرف زميلاً يعمل في أحد الأقسام، ولكن ما الخطب؟ قال إن عمي تعرض لحادث مروري ومعه عدة أشخاص في طريق عودتهم من الحج وقد نقل إلى مستشفى الرياض المركزي، وقد مضى على وجوده في قسم الطوارئ أكثر من 20 ساعة وما زال بانتظار الفرج للنظر في حالته، وللعلم فهناك الكثير من الحالات المماثلة له.
عموماً قمت بالاتصال بالزميل الذي يعمل في مدينة الملك فهد الطبية وسألته عن إمكانية مساعدته في نقل هذا المصاب واعتذر بخجل قائلاً إنه لا يوجد في المدينة قسم يعنى بمصابي الحوادث المرورية ونصح بأن يتم علاجه في مستشفى الرياض المركزي أو في مدينة الملك عبد العزيز الطبية (وأنت وواسطتك.. طبعاً هذه من عندي وهي في الواقع حقيقة).
بعد ذلك دار حديث بيني وبين الزميل حول مصابي الحوادث المرورية وما الكيفية المثلى للتعامل مع حالاتهم. فمن المعلوم أن الطرق السريعة وحتى الشوارع داخل المدن تشهد حوادث مرورية مفجعة ويكفي أن نعلم أن عدد القتلى جراء الحوادث المرورية خلال العام المنصرم في مدينة الرياض بالآلاف، فضلاً عن الذين تعرضوا لإصابات وإصاباتهم خطيرة.
الزميل ذاته أفادني أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في الإصابات التي يتعرض لها الدماغ جراء الحوادث المرورية، فهذه الإصابات تحتاج إلى تعامل خاص فليس كل المستشفيات مجهزة تقنياَ وبشرياً للتعامل معها. وبالتالي فإن كثيرا من المصابين تسوء حالتهم تدريجياً لعدم المبادرة في علاجها. وضرب لي مثلا بثلاث حالات حدثت خلال شهر ذي القعدة المنصرم وذلك حينما تعرض ثلاثة أشخاص لثلاثة حوادث كل منهم في موقع مختلف عن الآخر، فأحدهم في أحد مستشفيات القصيم والآخر في مستشفى الزلفي والثالث في مستشفى رماح، وقد حاول ذووهم نقلهم إلى عدة مستشفيات لديها إمكانية علاجهم ولكن دون جدوى إلى أن انتقلوا إلى رحمة الله تعالى وهم في ريعان الشباب. قلت له: وما الحل في نظرك ؟ قال الحل يكمن في تفعيل دور المستشفيات الكبيرة فلدينا ولله الحمد صروح طبية عالية المستوى ولديها تجهيزات متميزة جدا ويمكن من خلال هذه المستشفيات كمدينة الملك فهد الطبية ومدينة الملك عبد العزيز في الحرس الوطني ومستشفى الرياض المركزي ومستشفى القوات المسلحة ومستشفى الملك فيصل التخصصي وغيرها، بحيث يتم تكوين عدة فرق متخصصة في مثل هذه الحالات على أن تُجهز هذه الفرق بما تحتاج إليه من طائرات الإخلاء الطبي وغيرها من الإمكانات، وفي حالة وجود إصابات في الدماغ يتم استدعاء إحدى هذه الفرق مباشرة ودون اتباع الإجراءات البيروقراطية التي تمارس حالياً وتستنفد جهداً جباراً وتمر بطرق متعرجة تلعب الواسطة فيها دوراً مؤثراً، كما أنها تستهلك وقتاً طويلاً والدقيقة الواحدة منه قد تكون مؤثرة في حياة المصاب بحيث تباشر الفرقة المتخصصة مهمتها عن طريق القيام بزيارة عاجلة للمستشفى الذي يرقد فيه المصاب ومن ثم إجراء الكشف الطبي عليه والتأكد من مدى قابليته للعلاج من عدمها، فإذا كانت حالته تقبل العلاج يتم نقله مباشرة إلى أحد المستشفيات المؤهلة لعلاجه وإذا كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله ونكون قد أدينا ما هو مطلوب منا. أما الأسلوب المتبع حالياً فهو أسلوب عقيم ينضح بالبيروقراطية والمحسوبية مع الأسف، إذ يصاب المصاب ويموت المريض وذووه يطاردون السراب لنقله والعذر جاهز .. لا يوجد سرير ّ!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي