تأسيس شركة السوق المالية السعودية
رفعت وزارة التجارة والصناعة أمس الأول طلباً للمقام السامي لاستصدار مرسوم ملكي بالترخيص لتأسيس شركة السوق المالية السعودية "تداول"، كشركة مساهمة مقفلة مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
يبلغ رأسمال شركة السوق المالية السعودية "تداول" 1.2 مليار ريال، مقسمة إلى مائة وعشرين مليون سهم متساوية القيمة، بحيث تبلغ القيمة الاسمية لكل منها عشرة ريالات سعودية، جميعها أسهم نقدية كاملة الاكتتاب.
يأتي تأسيس شركة السوق المالية السعودية "تداول" لتفعيل ما نص عليه نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424هـ، المتضمن إنشاء السوق المالية السعودية كشركة مساهمة بحيث تنفرد بتصريح إدارة تداول الأوراق المالية في المملكة.
كما يأتي تأسيس هذه الشركة أيضا كثمرة جهود فريق العمل الذي شكله مجلس هيئة السوق المالية من المختصين لدراسة كافة جوانب تأسيس الشركة، ولا سيما فيما يتعلق بتحديد المهام والواجبات والصلاحيات ومراحل التأسيس.
تضمن طلب وزارة التجارة والصناعة أيضا ملامح الشركة الجديدة من خلال تحديد مهامها وواجباتها وصلاحياتها. حيث ستتمثل أغراض الشركة في توفير وتهيئة وإدارة آليات تداول الأوراق المالية، والقيام بأعمال التسوية والمقاصة للأوراق المالية، وإيداعها وتسجيل ملكيتها ونشر المعلومات المتعلقة بها.
نستنتج من جميع هذه المهام والواجبات والصلاحيات أمرين مهمين. الأمر الأول، أن هذه الشركة الجديدة في حد ذاتها شركة فنية ستضم في مواردها كفاءات بشرية ومادية ومعنوية مستقطبة بشكل رئيس من عدة صناعات فنية مختلفة كالبرمجيات، والاتصالات، وأمن المعلومات.
والأمر الثاني، أن هذه الشركة الجديدة ستعمل كحلقة وصل وحيدة بين طرفي السوق. مستثمرين، من جهة، يبحثون عن آليات استثمارية مرنة تحقق لهم عوائد كبيرة على المدى القريب. وشركات مدرجة، من جهة أخرى، تبحث عن آليات تمويلية فعالة بأقل تكلفة تمويلية ممكنة على المدى البعيد.
وعلى الرغم من حداثة الشركة على منظومة الاقتصاد السعودي من الناحية القانونية، إلا أنها ليست كذلك من الناحية الفنية. فكما هو معلوم أن نظام تداول الأوراق المالية والتقاص والتسوية "تداول" يمر في الوقت الحالي في عامه السادس في خدمة سوق الأسهم.
قضى نظام "تداول" العامين الأولين (2001-2003) داخل أروقة مؤسسة النقد العربي السعودي كمشغل لسوق الأسهم السعودية. وقضى الفترة الباقية (2003-2007) في ملازمة هيئة السوق المالية للقيام بمهام السوق المالية السعودية، ومركز إيداع الأوراق المالية.
وعلى الرغم من دعم نظام السوق المالية لهذه الشركة الجديدة من خلال إفرادها بإدارة تداول الأوراق المالية في المملكة دون غيرها من الشركات الفنية، إلا أنه يجب التأكيد على أهمية عدم توقف تطلعات هذه الشركة الجديدة عند التأسيس والاكتتاب العام.
فالوقت الراهن يشهد ظهور صناعة رديفة لصناعة الأسواق المالية تتمثل في توجه عدد ليس بالقليل من شركات التقنية للتنافس في تولي مهمة تشغيل الأسواق المالية. منها على سبيل المثال شركة سمايوروب السويدية التي تتولى تشغيل عدد من الأسواق المالية الأوروبية والإفريقية من خلال نظامها التقني المسمى DEPO 2000.
أضف إلى ذلك أيضا شركة أتوسيورونكست الفرنسية التي تتولى تشغيل قرابة 17 سوق مالية في نحو 29 دولة عبر نظامها التقني المسمى NSC. وشركة اوبنجيتس التشيلية التي تتولى تشغيل عدد من الأسواق المالية في أمريكا اللاتينية من خلال نظامها المسمى SITREL.
ومع الأخذ في عين الاعتبار التحالف الاستراتيجي مع شركة أومكس السويدية لتشغيل الأسواق المالية، فإن شركة السوق المالية السعودية "تداول" قد تواجه تغييرا في آلية المنافسة عندما تنفتح الأبواب نحو العالمية. فالمنافسة مع شركات مثل شركة أتوسيورونكست أو سمايوروب أو اوبنجيتس ذات الباع الطويل في تشغيل أسواق المال لن تكون بالمهمة السهلة.
ومع الأخذ في عين الاعتبار أيضا حجم شركة السوق المالية السعودية "تداول" من الناحية التقنية والمالية، والخبرة الفنية المكتسبة من تشغيل السوق المالية السعودية خلال الفترة الماضية، ومجموع ما استثمر في أنظمتها لتوطينها وإكسابها حق المواطنة، فإنه ينتظر العمل في اتجاهين مزدوجين نحو تحقيق التنمية المستدامة.
الأول عموديا ويختص بتطوير الكفاءات الحالية البشرية والمادية والمعنوية بما يتوافق والتوجه المقبل لمنظومة الاستثمارات السعودية. والثاني أفقي ويختص بتفعيل نشاط الاستثمار المباشر في صناعة تشغيل الأسواق المالية العالمية.
الهدف في كلا الاتجاهين اقتصادي وفني بحيث يتم الاستمرار في تدوير النتائج لدفع عجلة النمو. نجاح هذه الشركة الجديدة في تحقيق التنمية المستدامة سوف يعتمد بطبيعة الحال على درجة مرونتها في المحاذاة الاستراتيجية مع متغيرات آلية المنافسة المحلية والدولية.