حكم الصلاة خلف المحدث

[email protected]

تحدثت في اللقاء الماضي عن استخلاف الإمام في الصلاة إذا عرض له شيء في صلاته يمنعه من المواصلة، فيقدم من يقوم مقامه من المأمومين ويتم الصلاة بمن خلفه، وبما أن غالب ما يدعو إلى قطع الصلاة وعدم إتمامها الحدث، لذا أتحدث في هذا اللقاء عن حكم الصلاة خلف المحدث وحكم الصلاة خلف المتنجس.
أما المسألة الأولى: فإن جهل الإمام والمأمومون أنه محدث حتى انتهت الصلاة فصلاتهم صحيحة، مثال ذلك في الحدث الأصغر، إمام أكل لحم إبل ولم يعلم أنه لحم إبل فصلى بالجماعة فلما انتهت الصلاة علم بذلك، فهنا لا يعيد المأمومون صلاتهم ويعيد الإمام الصلاة، أمام الإمام فلأنه صلى بغير وضوء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" وأما المأموم فعذره ظاهر لأنه لا يعلم الغيب ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والحدث مما يخفى فإن علم الإمام أنه محدث في أثناء الصلاة فإن صلاته تبطل وأما صلاة المأمومين فمن العلماء من قال إن صلاتهم تبطل لأنهم اقتدوا بمن لا تصح صلاته فبطلت صلاتهم، ولأن صلاة الإمام لم تنعقد والذي يظهر أن صلاة المأمومين صحيحة إلا من علم أن الإمام محدث وصلى وراءه، فتبطل وذلك لأنهم كانوا جاهلين فهم معذورون بالجهل وليس بوسعهم، ولا بواجب عليهم أن يسألوا إمامهم هل أنت على وضوء أم لا؟ (فإذا كان هذا لا يلزمهم فكيف يقال ببطلان صلاتهم! والقاعدة الشرعية أن من فعل شيئا على وجه صحيح بمقتضى الدليل الشرعي فإنه لا يمكن إبطاله إلا بدليل شرعي!! لأننا لو أبطلنا ما قام الدليل على صحته لكان في هذا جناية على الشرع والمكلف ومشقة عليه فهم فعلوا ما أمروا به من الاقتداء بهذا الإمام ومالم يكلفوا به فإنه لا يلزمهم حكمه، ومن الأئمة من يذكر أنه محدث أثناء الصلاة ثم يستحي أن ينصرف رغم أن الواجب في مثل هذه الحال ألا يفتح مجالاً للخجل أو التردد إذا تيقن الحدث أو تذكره، وللأسف قد يقع من بعض من يؤم المصلين الذي يستحون من الناس ولا يستحون من الله وهذا حرام ولا شك، فإذا ذكر الإمام في أثناء الصلاة أنه محدث أو علم أنه محدث وجب عليه الانصراف ويستخلف من يكمل بهم لأن عمر رضي الله عنه لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بعد أن شرع في صلاة الصبح أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتم بهم الصلاة، رواه البخاري. وهذا يحضرة الصحابة رضي الله عنهم فإن لم يفعل وانصرف فللمأمومين الخيار بين أن يقدموا واحدا منهم يكمل بهم الصلاة أو يتموها فرادى، لأن إمامهم ذهب ولم يستخلف والحالة الأولى هي الأولى حتى لا يفوت عليهم فضل صلاة الجماعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي