مسكين هو "السكيورتي" فلا بواكي له!!

"لم يبق شيء لا تعمله العمالة المستوردة إلا أن نأكل نحن وهم يمضغون"، عبارة انسابت من شفتي أستاذنا الكبير د. غازي القصيبي ـ وزير العمل؛ ونشرتها مع حديث موسع الزميلة "الشرق الأوسط" يوم الثلاثاء 5/12/2006م.
القصيبي صعقني كغيري من المواطنين حينما قال إن 90% من دخل الدولة بعد عشر سنوات سيذهب كرواتب لموظفي الحكومة!!
إنني أتفق مع معاليه بخصوص الكسل والاعتماد على الغير في أداء بعض الأعمال الذي أصيب به بعضنا مع الأسف، ذلك أن منازلنا تحتضن اليوم أعدادا كبيرة من العمالة الوافدة ما بين سائق وخادم أو خادمة وطباخ أو طباخة أو مربية أو مزارع أو حتى (شيالة شنطة) لدى البعض!!
أنا لا أنادي هنا بإيقاف الاستقدام فالبعض مضطر لاستقدام السائق أو الخادمة مثلاً ولكن المسألة تحتاج إلى تقنين وإعادة نظر.
أما بخصوص اتجاه الغالبية العظمى نحو الوظائف الحكومية فليسمح لي معالي الوزير أن ألقي بجزء من اللائمة على وزارته، وأقول بجزء منها وليس كلها لأن الجزء الآخر يتحمله طالب العمل وصاحب العمل. فوزارة العمل مطالبة الآن وبشكل فوري بوضع حد أدنى للأجور لأن الأجور التي يتقاضاها السعوديون من القطاع الخاص متدنية جدا، فضلاً عن جانب الأمان الذي تتميز به الوظيفة الحكومية وتفتقده وظائف القطاع الخاص، ففيما عدا بعض الشركات المرموقة التي تعتبر شبه حكومية مثل "أرامكو" و"سابك" و"الإتصالات" وبعض البنوك، فإن وظائف القطاع الأهلي تعتبر وكما يقول المثل الشعبي (كد بلا خلف).
حدثني عدد من العاملين في المستشفيات الأهلية ممن يحملون مؤهلات جامعية عن الرواتب التي يتقاضونها، وعن الضغوط التي تمارس عليهم من قبل القيادات في تلك المستشفيات، وهي في الغالب تنتمي إلى جنسيات غير سعودية وكان حديثهم مليئا بالألم والحسرة سواء من حيث تدني الأجور أو من حيث بعض الممارسات اللا إنسانية.
في أحد المراكز التجارية "الكبرى" المتخصصة في مجال بيع الأغذية استوقفتني حيوية أحد الشباب السعوديين الذي يعمل في هذا المركز، فسألته عن ظروف العمل والمزايا التي يحصلون عليها، فما كان منه إلا أن ضحك وقال أي مزايا وأنا أعمل في هذا المركز منذ سنتين وطول هذه المدة لم أتمكن من قضاء الخميس أو الجمعة مع عائلتي، فسألته مستغرباً عن السبب؟ فقال على الرغم من تدني الأجور هنا إذ إنني أعمل ثماني ساعات على نظام الورديات فرواتبنا لا تتجاوز الألفي ريال، ومع كل ذلك فنحن محرومون من الإجازة يومي الخميس أو الجمعة، وملزمون بأخذ الإجازة الأسبوعية في وسط الأسبوع طول الحياة!!
تصوروا إلى أي حد وصل التعسف بالبعض!! أما بالنسبة لـ "السكيورتي" ـ وهو عنوان المقالة ـ أو رجال الأمن الذين يعملون في الحراسات التابعة لبعض الشركات فهؤلاء لا بواكي لهم، مع الأسف هذه المهنة مظلومة ومظلوم ممتهنوها، فالذي يحدث أن شركات القطاع الخاص توظف هؤلاء الشباب بأجور زهيدة لا تتجاوز على الأكثر (1500) ريال، وتبرم هذه الشركات عقودا مع جهات أخرى كالبنوك والمستشفيات الأهلية، ومن ثم تسند مهمة الحراسة إلى هؤلاء الشباب برواتب زهيدة قد لا تفي بأجور المواصلات أحياناً.
إن موضوع توظيف الشباب السعودي لدى الشركات العاملة في المجال الأمني يحتاج إلى إعادة نظر عاجلة، إن كان ذلك فيما يتعلق بتدريب هؤلاء الشباب وتأهيلهم على الأعمال التي يمارسونها، لأن ممارسة هذه المهنة لا تتطلب سوى إجادة القراءة والكتابة مع القبول براتب زهيد!!، أو كان متعلقاً بإيجاد نظام يكفل لهم حقوقهم من رواتب مجزية وإجازات أسبوعية وسنوية وغيرها من الحقوق الأخرى ـ وعليه فإنني أعود لأؤكد أهمية وضع حد أدنى لرواتب العاملين في القطاع الخاص. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي