نشر ثقافة الملكية الفكرية مطلب عربي

تم خلال الشهر الماضي عقد اجتماع موسع في القاهرة للجمعية العامة للاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية في دورته الأولى, وذلك لاختيار مجلس الإدارة المكلف بوضع برنامج عمل واستراتيجية الاتحاد للمرحلة المقبلة, ويضم الاتحاد الوليد في وضعه الراهن سبع دول عربية, منها المملكة, والباب مفتوح لباقي الأشقاء العرب للانضمام واستكمال أعضاء مجلس الإدارة, الذي يتوقع أن يضم نخبة من الشخصيات العامة العربية البارزة في جميع المجالات الثقافية والعلمية وغيرها.
ويحمل هذا الحدث أكثر من دلالة تستوجب الوقوف عندها, خاصة بعد حصول الاتحاد على عضوية المنظمة الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية (ويبو) WIPO World Intellectual Property Organization. كما يعد خطوة موفقة لنشر ثقافة الملكية الفكرية في الوطن العربي بكونه أحد الاتحادات النوعية العاملة في نطاق مجلس الوحدة الاقتصادية العربي.
وموضوع الملكية الفكرية هو أحد الموضوعات التي شغلت بال مفكري ومثقفي العالم منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي, ومنذ اعتماد إنشاء منظمة "ويبو" كإحدى المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة عام 1974, وما أعقب ذلك من إنشاء أمانة المنظمة في جنيف في سويسرا عام 1978, التي وضعت في سياق أهدافها الموضوعية إيجاد نوع من التوافق بين إجراءات وتشريعات الملكية الفكرية على النطاق الوطني, وتقديم خدمات للتطبيقات الدولية لحقوق الملكية الصناعية, وتبادل المعلومات عن الملكية الفكرية, وتقديم المساعدة القانونية والفنية للدول النامية, وتسهيل اتخاذ القرارات للملكية الفكرية, إضافة إلى المساعدة العملية للدول على ترتيب تقنية المعلومات وتنظيمها كأداة للتقييم والاستخدام النافع للمعلومات الخاصة بالملكية الفكرية وترشيدها.
وخلال العقود الثلاثة الماضية أبرمت المنظمة (ويبو) العديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي تهتم بحماية الملكية الفكرية, التي تنطوي على معايير دولية للقوانين والممارسات التي تحكم أنشطة وخدمات الملكية الفكرية, وهي تتركز في الجوانب السبعة التالية:
ـ دعم الابتكار والإبداع وتشجيع تبادل المعلومات بين المبدعين, ويشمل ذلك أيضا إبراز الطاقة الإبداعية لدى الشباب.
ـ توفير الوسائل التي تكفل لحاملي الاختراعات والبراءات الحماية وتمنح لفترة محدودة تدوم 20 عاما ولمالك البراءة أو الاختراع حق الانتفاع خلال مدة الحماية.
ـ وضع دليل عن قضايا الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة الإلكترونية تتناول جميع المعلومات عن تصميم الموقع على الشبكة العنكبوتية والشراكة والمعاملات في التجارة الإلكترونية وغيرها.
ـ تحديد العلامات التجارية للسلع والخدمات من مصدرها بغرض توفير الحماية لمالكها وبما يضمن الحق الاستئثاري في الانتفاع.
ـ تسجيل الرسومات والنماذج الصناعية على المنتجات الصناعية التي تعد المظهر الزخرفي أو الجمالي للسلعة.
ـ وضع إشارات على السلع توضح البيانات الجغرافية المستعملة وتؤكد تسمية بلد المنشأ ومكان إنتاجه.
ـ تأكيد الحق الاستئثاري للمؤلف أو المبدع في المصنفات الأدبية والفنية. ويشمل ذلك استنساخ المصنف وبثه وترجمته .. إلخ. وكذلك حقه في الاستثمار لمدة ربما تمتد إلى 50 عاما مع مراعاة حقه أيضا في مسايرة التقدم التقني.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأعضاء المؤسيين في "الويبو" في الوضع الراهن 183 دولة, إضافة إلى 250 من المنظمات غير الحكومية والمنظمات والهيئات الدولية بصفة مراقب. وتحدد هذه الدول والمنظمات توجه "الويبو" الاستراتيجي للمدى البعيد, وتقرر أنظمتها وفقا لبرنامج أمانتها التي تضم نخبة من خبراء عالميين وعرب في جوانب متعددة تغطي الاقتصاد والإدارة وتقنية المعلومات وغيرها.
ويبقى السؤال دائما: ما الدور المطلوب للاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية بعد حصوله على عضوية "الويبو"؟ وماذا يعني ذلك للمواطن العربي؟
إن الملكية الفكرية في مفهومها الواسع تعني كل ما يتعلق بالإبداع الفكري في جميع المجالات التجارية الصناعية والثقافية والفنية وغيرها. والعالم العربي يزخر بالعديد من الإبداعات التي لم تظهر بوضوح على سطح المعرفة, وهي تحتاج إلى نشر على المستوى الدولي من أجل حماية التراث العربي من القرصنة الفكرية Intellectual Piracy, وتأكيد الهوية العربية والإسلامية والحفاظ عليها. ومن هنا تظهر أهمية وجود إطار تشريعي تحت المظلة العربية ينظم القطاعات ذات الطابع الفكري يؤهلها للقيام بمهامها بكفاءة ويزيد من خبراتها حتى تكون قادرة على مواجهة المنافسة الدولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي