حين تطغى السياسية والأزمات.. يغيب الاقتصاد والاستثمار
من يتابع الأوضاع السياسية الآن يدرك أهمية دقة الوضع السياسي الذي يزداد سخونة يوما بعد يوم، وكما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله - في القمة السابعة والعشرين في الرياض أن المنطقة أصبحت "كبارود" قابل للانفجار أو التفجير في أي لحظة، وحين نبحث عن البارود أين: فهو يبدأ بوضوح تام من إيران والوصاية على العراق والسيطرة عليه وفرض قوى وأحزاب مذهبية بذاتها ودعمها بلا تحفظات، ومن العراق نفسه والحرب الأهلية المتصاعدة المتسارعة بين مختلف الطوائف والمذاهب وعدم الاستقرار والقتل اليومي بمتوسط لا يقل عن 40 إلى 60 شخصا، حتى أصبح العراق بيئة حاضنة للإرهاب ونموذجا للحروب "المستقبلية" من مذهبية وأعراق وصراع سلطة وتقسيم بكل تبعاته، وسورية وخطاب الشرع لمن استمع له، وأعلن صراحة "أن المملكة والكويت" دولتان مستكينتان، أي أنهم خاضعتان ومنفذتان للأوامر الأمريكية أو تنفذان أجندة محددة، والقطيعة الواضحة بين سورية مع المملكة ومصر أكبر دولتين مركزيتين في المنطقة، ولبنان ما بين السنيورة "وقوى 14 آذار" وحزب الله القائد، وأمل، وسليمان فرنجية وبعض رؤساء وزراء سابقين كسليم الحص وعمر كرامي وسليمان فرنجية التابع لسورية، والرئيس "المفروض" أميل لحود، صراع يتحول إلى مذهبي في النهاية ودولة داخل دولة، دولة حزب الله في الجنوب سابقا، والآن على السطح، بدعم واضح ورئيسي من الأموال النقية "الإيرانية" ودعم سورية المباشر وغير المباشر، وغيرها من التفصيلات العميقة أتركها للسياسيين الأكثر خبرة ورؤية ومتابعة.
واضح أن المستقبل "بارود" كما ذكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله -، صراعات مذهبية وسياسية وفرض سيطرة تبدأ من إيران والعراق وسورية ثم لبنان، ونحن كدول خليجية، لم نستعد جيدا لكل المتغيرات التي أمامنا ولهذه التوسعات المستقبلية، وما يجب عمله، أو يفترض أيضا يحتاج إلى تمعن وتحليل سيطول جدا، لكن حتى لا أغرق في السياسة التي لا أجيد تعاطيها أو التعمق كثيرا، أربط كل ذلك بأسواق المال أو الأسهم خصوصا لدينا، في هذا الجو الذي نشم منه رائحة البارود والمذهبية والعرقية ومنطق القوة، كما يمثله حزب الله في لبنان ضد حكومة شرعية منتخبة، وما تخبئ إيران من سلاح نووي تصر على المضي قدما به.
سؤال: في ظل هذا الجو الملغم، هل يتوقع أن يجد المستثمر المحلي ناهيك عن الخارجي بيئة صحية يستثمر فيها؟ وهذه المخاطر محيطة بكل اتجاه؟ الأهم هنا أننا لا نعرف أين سيقودنا البارود وتفجره فيما لو حدث، من الخطأ - في تقديري - أن نغفل العامل السياسي الآن مع وضع السوق، لأنه أصبح "لعب على المكشوف" فأي بيئة استثمارية خصبة "آمنة" يمكن الاستثمار بها، لا شك أن فرص الاستثمار كبيرة الآن وتتزايد ومغرية، ولا أناقش الفرص بقدر المخاطر، ولكن "الأمن" خيار أول، ليس الأمن الشخصي بقدر ما هو قضية "وجود"، هل أبالغ؟ من يقرأ التاريخ، وسيناريو ما يحدث من أمريكا وورطتها الكبرى في العراق، سيجد أن "التفرد" الإيراني في المنطقة أصبح واضحا حين تجرأت على فعل ما فعلت في لبنان من خلال حزب الله. يجب أن نكون متوازنين في تحليل الوضع الراهن سياسيا، حين يستغرب الكثير وضع السوق أين وصل من انحدار شديد، كانت هناك أسباب كثيرة وعديدة تسببت بالانهيار، ولكن حين تصل الأسعار لأقل من قيمته العادلة في الاستثماري والقيادي، وحين يشح "الكاش" وتضعف أحجام التداول، حين يحدث هذا العزوف، يجب أن نقرأ المتغيرات المسببة من كل الاتجاهات، لا أريد رسم صورة "وردية" للوضع أو صورة "سوداء" ولكن يجب أن نكون منطقيين في قراءة الأحداث، وأن الذي يحدث الآن "سياسيا" له تأثيره وحضوره لأصحاب المراكز الكبرى واللاعبين الرئيسيين في السوق كمستثمرين أو مضاربين.