"المستقبل العظيم" خطوة لإطلاق الإستراتيجيات الصناعية والتجارية
تربط السعودية والمملكة المتحدة علاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية وطيدة فُعِّلت بتنفيذ مشاريع مشتركة في قطاعات حيوية مختلفة، وهذا يعود للعلاقات التاريخية المتينة، وقد عملت الدولتان على تطوير هذه العلاقة إلى أن وصلت إليها ما هو عليه الآن.
وتستمر حملة "مستقبل عظيم"، التي بدأت منذ عاما " في الرياض في مايو 2024، وهي مبادرة اقتصادية واجتماعية للمجلس، تُعدّ دافعًا رئيسيًا لتعزيز الأولويات الاقتصادية المشتركة بين السعودية وبريطانيا، وتعمل على دفع المبادرات الإستراتيجية، وتسليط الضوء على النجاحات المشتركة، وتسريع النمو الاقتصادي.
وعلى هذا المضمار ترأس وزير التجارة ماجد القصبي وفد السعودية في اجتماع مجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني يوم الأربعاء الثالث من سبتمبر وضم الوفد أكثر من 195 قياديا سعوديا ورجل أعمال، قابلهم 320 من القياديين ورجال الأعمال البريطانيين، ما يؤكد أهمية هذه المناسبة والموضوعات التي يتم طرحها للمناقشة أو المفاهمة، ويعد وهو الاجتماع الخامس للمجلس والأول بعد بعد مؤتمر المستقبل العظيم «GREAT FUTURES» الذي انطلق من الرياض برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر العام الماضي، وحقق المجلس أهداف المؤتمر في هذا اللقاء بتوقيع اتفاقيات تجاوزت 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار).
ونلاحظ تمحور الاتفاقيات الموقعة في هذه المناسبة على 5 مجالات إستراتيجية رئيسية:
*الربط المالي: وانطلق الربط بخريطة طريق لتعزيز التعاون بين المراكز المالية السعودية البريطانية، بهدف توفير رأس المال اللازم للاستثمار في قطاعات النمو، ومواءمة السياسات في أسواق رأس المال وتعزيز مفهوم الحوكمة مالية وإدارة مخاطر.
*علوم الحياة والتقنية الصحية: تعزيز التعاون المشترك في مجالات علوم الحياة والتقنية الحيوية، لتحقيق الريادة الصحية العالمية.
*النمو الصناعي: الاتفاق على إطار عمل لدفع عجلة التقدم الصناعي، مع التركيز على التقنيات الصناعية بثورتها في الجيل الرابع وتقنيات سلاسل التوريد والإمداد للمعادن.
*المجالات الإبداعية: تكثيف التعاون الإستراتيجي لتعزيز التبادل الثقافي والإبداعي، وتنمية المواهب، مع إيلاء الاهتمام الكبير بما ستستضيفه السعودية من فعاليات ذات صدى عالمي واسع مثل معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034.
*الابتكار في التعليم: توقيع مذكرات تعاون لمواكبة التغيرات التقنية، مع التركيز على المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وتفصيلاً فقد اتفق الطرفان على رفع جانب الاستثمارات والتبادلات التجارية من 81.4 مليار ريال (16.1 مليار جنيه إسترليني) في الوقت الحالي ليصل بحلول 2030 إلى 151.7 مليار ريال ( 30 مليار جنيه إسترليني)، كما تمت الإشادة بترخيص 9 مدارس بريطانية وكلية للتمريض في السعودية والسعي الحثيث لإنهاء إجراء تراخيص جامعتين بريطانيتين، وقد تم في جانب التعدين والخدمات اللوجستية توقيع عدة اتفاقيات وتفعيل مذكرات تفاهم التعدين والإمداد والسكك الحديدية والنقل الجوي، وشهدت السياحة بين البلدين نمواً كبيراً بلغ 750 ألف سائح في 2024, كما أن عدة لمسات للشركات البريطانية في الرياضات الإلكترونية والرياضة بشكل عام كانت بارزة في العام الماضي.
تعزز مبادرة "المستقبل العظيم" «GREAT FUTURES» النظرة المستقبلية للتكامل مع خطط ورؤية السعودية 2030، فبريطانيا من كبريات الدول المتقدمة تكنولوجياً وعلمياً، وستفتح هذه المبادرة فرصا متعددة ومتنوعة للمؤسسات والشركات السعودية على مختلف أحجامها (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة) وعلى هذا الأساس فإن كمية الاستفادة الفعلية ستكون ملقاة على عاتق الشركات السعودية، وذلك بضرورة التفكير بشكل إبداعي للوصول إلى أقصى الفوائد ولنقل المعرفة والتكنولوجيا.
وتُمثل قمة المستقبل العظيم خطوةً مهمةً إلى الأمام عقب إطلاق الحكومة الإستراتيجيتين الصناعية والتجارية هذا الصيف، وتأتي في وقتٍ تُواصل فيه المملكة المتحدة التفاوض على اتفاقية تجارية حديثة مع دول الخليج من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير أجور أعلى، وزيادة الاستثمارات في المملكة المتحدة.
من المتوقع أن تُسهم هذه الاتفاقية مع دول الخليج في زيادة حجم التجارة بين البلدين بنسبة 16%، وأن تُضيف 1.6 مليار إسترليني إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة سنويًا، وأن تُسهم بمبلغ 600 مليون إسترليني إضافية في أجور العمال البريطانيين السنوية على المدى الطويل.
مستشار قانون دولي وتجاري وGRC