" الإعلام الذي يقتل الارهاب "
عندما شعر تنظيم "القاعدة" بأن النظام السعودي لا يسير معه قرر زعزعة الوضع في البلاد بواسطة "الأعمال الإرهابية"
د. يفجيني بريماكوف
بداية أود أن أسجل إعجابي وفخري واعتزازي بتلك الإنجازات المتلاحقة التي يسطرها رجال الأمن البواسل في حربهم المؤزرة ضد الفئة الضالة ومؤيديهم من أرباب الفكر الضال، وكان آخرها ما أعلنته وزارة الداخلية الأسبوع الماضي عن إلقاء القبض على عدد من عناصر الفكر المنحرف في عملية استباقية كشفت عن يقظة الأجهزة الأمنية.
لا يساورني شك أن جميع أبناء الوطن قد أدركوا بما لا يدع مجالا للشك أن تلك الفئة تستهدف أمنهم وتسعى لزعزعته وتستهدف مقدراتهم الاقتصادية ومصادر رزقهم وتعمل على تدميرها، وهو ما ثبت على أرض الواقع من خلال محاولاتهم التي وئدت بحمد الله في مهدها وكذلك الخطط التي كشفت عنها العمليات الاستباقية لرجال الأمن البواسل.
لقد أثبتت الأيام من واقع الاعترافات التي أدلى بها قادة هذه الفئة وأتباعهم وأذاعتها ونشرتها وسائل الإعلام المختلفة أن محاربة هذا الفكر والقضاء عليه ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض، صحيح أن السواد الأعظم من المواطنين يدركون حجم خطورة هذا الفكر وآثارة السلبية على الوطن والمواطنين، ولكن محاربته والقضاء عليه تحتاج إلى جهود ضخمة تتضافر في أدائها مختلف الجهات وفق خطط مدروسة ومتكاملة من ضمنها المجالات التربوية بمختلف مؤسساتها بدءاً من الأسرة ومروراً بالمدرسة بمختلف مراحلها ثم الجامعة وكذلك المساجد بما فيها من خطب ومواعظ ولقاءات، ومن ثم الأندية الرياضية والمنتديات وأماكن لقاءات الشباب وتجمعاتهم، وثمة دور مهم يفترض أن تقوم به المنشآت والمؤسسات الحكومية والخاصة ويتمثل ذلك في القيام بحملات توعوية وتنظيم لقاءات مبرمجة ويتم تنفيذها على مدار العام. بمعنى ألا تكون مجرد اجتهادات تبرز فجأة ثم لا تلبث أن تتلاشى.
ومع الإيمان بأهمية كل ما سبق لا بد أن يواكب ذلك حملات إعلامية منتظمة فقد آن الأوان لتضطلع كل المؤسسات الإعلامية بدورها وفق خطط مدروسة ترتكز على دراسات مسحية يقوم عليها متخصصون في علم الاجتماع والنفس والجريمة والإعلام وليس مجرد مقالات اجتهادية تأتي كردود أفعال .
أكرر القول إننا بحاجة إلى إعلام أمني يستمد رسائله من الواقع المعاش وتعد برامجه وفقاً لنتائج تبنى على دراسات وأبحاث يقوم بها متخصصون يملكون القدرة على سبر أغوار المجتمع ليتمكنوا من إعداد رسائل إعلامية قادرة على الإقناع والتوعية بمخاطر هذا الفكر وطرق التعرف على معتنقيه وأفضل السبل لمواجهتهم والإبلاغ عنهم.
قد يقول قائل إنني أبالغ في تصويري الواقع ولكنني أرد على ذلك بالقول إن العمليات التي يقوم رجال الأمن البواسل من حين لآخر تكشف أننا مازلنا غافلين عن خطورة هذه الفئة ونتساهل في مواجهتها. صحيح أنها في انحسار وصحيح أن قوات الأمن هي من يملك زمام المبادرة من واقع العمليات الاستباقية، ولكنني وكما أسلفت ومن واقع اعترافات هؤلاء المجرمين أشعر أنهم كالسرطان يبدأ صغيراً وما يلبث أن ينتشر بشكل مريع - حمى الله بلادنا ورجال أمننا من كل مكروه والله من وراء القصد.