"كاريزما العقار"

[email protected]

يتداعى في ذهني حين أقرأ التغطيات الإعلامية للمعارض العقارية في الداخل والخارج ما يتمتع به العقار من جاذبية للمستثمرين, ويتجلى ذلك حين يتحدث كبار التجار عن سيرتهم التجارية فإننا نلحظ أن العقار يشكل محورا أساسيا في استثماراتهم سواء كان بالمتاجرة فيه أو بتطويره أو أن يكون مادة للاستثمار بالتأجير أو الاستغلال بأي نوع من أنواع الاستغلال.
خلق الله الإنسان محباً للمال وجبله على ذلك، "وإنه لحب الخير لشديد"، والخير: المال، وهذا من الأمور البديهية الظاهرة ولا يكاد يختلف فيه اثنان، فقد حرص الإنسان في جميع الأمكنة والأزمنة على تأمين معيشته ومعيشة من يعول، كما حرص على اقتناء ما يسكن فيه هو ومن تحت يده من أهله وأولاده، وهو مجبر على ذلك ولا ريب فهذا من ضروريات الحياة.
كما أن من صور محبة الإنسان للمال سعيه الحثيث لجمع ما استطاع منه واكتناز ما قدر عليه من جواهر ونقود، وتملك ما وقع تحت يده من عقار سواءً كان أرضاً أو ضيعة أو بناء أو غير ذلك.
وإذا كان الإنسان قد جُبل على حب المال بأنواعه فإن للعقار ـ بالذات ـ مكانةً لديه، وذلك للارتباط الوثيق والفائدة المباشرة من العقار للإنسان في السكن والزرع والرزق، كما أنه يشبع غريزة حب التملك لدى الإنسان ويملأ نفسه بالنشوة والبهجة بخلاف غيره من الأموال, وإضافة إلى ما سبق فالعقار ـ بوصفه مادة للتجارة ـ هو تجارة رابحة وآمنة مرغوب فيها بين التجار.
لعل هذا من أسباب الجاذبية التي يتمتع بها العقار, يضاف إلى ذلك أن هذه التجارة تضفي على صاحبها هالة كبيرة بقدر حجم العقار ومكانته في النفوس, والمفيد هنا ألا تؤثر هذه الجاذبية على النزاهة والأمانة في التعامل.
وفي المقابل ارتبط بالعقار في السنوات الأخيرة تعاملات تؤثر على النزاهة, وأعني بالتحديد ما يتعلق بالمساهمات العقارية حيث شوهت الصورة الحسنة التي يتمتع بها العقار, والتي يعبر عنها البعض بـأن "العقار وقار", ولعل التنظيمات الأخيرة ساعدت في القضاء على هذه الظاهرة أو التقليل منها على الأقل, وهذا يبرز أهمية هذه التنظيمات ودورها الفاعل في تنظيم الأسواق التجارية, إذ قد يكون هناك من تضعف نفسه حين التعامل بالمال, وفي غياب الأنظمة فإنه لا يستبعد وقوع البعض في التجاوزات, والحديث لا ينحصر فقط في العقار بل في كل ما من شأنه أن يكون مجالا للتجاوز, ومرهون بمدى الالتزام بالأخلاقيات والسلوك العام الناهي عن الغش والتحايل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي