الفتن صرعات وموديلات
"المخ" أحيانا يمل من العلم والمعلومات، ويغلق كل (أبواب الفهم) ويكتفي بما عنده ـ ولو كانت معلومات سطحية ـ ويبدأ صاحب هذا (المخ المقفل) يجادل ويحاور أصحاب عقول طوروها بكل علم جديد، وربما تطور الجدال إلى خلاف يشتد ويتعمق فيتحول إلى صدام واقتتال وربما تحول إلى "مذهب جديد"، خصوصا إذا كان هذا الخلاف في أمور دينية، كما حصل مع "الخوارج"، حين "اكتفوا بما لديهم من معلومات فقهية بسيطة" فكفروا (علي بن أبي طالب) ومَن معه وكفروا (معاوية بن سفيان) ومَن معه.. (أيام الفتنة الكبرى التي نشبت بين فئتين من المسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه).. وكلتا الفئتين فيها بعض الصحابة المشهود لهم بالجنة (فئتين من المسلمين اقتتلا). وكان الخوارج ضمن جيش "علي" رضي الله عنه. وقد انشقوا وخرجوا عليه لأنه: قبل (التحكيم) من جهة (لأنهم يقولون إن الحكم إلا الله) - ومن جهة أخرى تنازله عن لقبه (أمير المؤمنين) أثناء "التحكيم" بناء على اشتراط الطرف الآخر بقيادة معاوية.. ولأن عليا أيضا لم يقر (السبي) أثناء الاقتتال .. حيث يحللون السبي من الفئة الباغية، كما يسمونها. طبعا (الخوارج) – كان (مخهم متربس) – على (قليل من المعلومات الفقهية).. ولم يعرفوا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أثناء (صلح الحديبية) وافق على ألا يوضع في وثيقة الصلح (أنه رسول الله) بناء على رغبة الطرف الآخر (المشركين).. لذلك تنازل علي - رضي الله عنه - عن لقبه أسوة بما فعله الرسول نفسه - صلى الله عليه وسلم. وقبول علي التحكيم – كان امتثالا لحكم الله – الذي أمر.. بحكم من أهلها وحكم من أهله – يعني يجوز الاحتكام إلى محكمين – ومعلوماتهم (الفقهية الضحلة) أيضا لم تدرك أن "نساء" النبي - صلى الله عليه وسلم - هن "أمهات المسلمين" فكيف لو "أسرت" عائشة رضي الله عنها التي كانت في المعسكر الآخر.. ماذا سيعمل بها هؤلاء – وهي أمهم – وأمثال الخوارج – كل فئة (يتربس مخها) على معلومات ضحلة دينية أو فقهية – .
والخوارج لا يقبلون "النقاش" بل يشتد عنادهم – وينطحون الحيط برؤوسهم - فعندما قاتلهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – قاتلوا بضراوة حتى كسرت شوكتهم ومَن بقي منهم: بقي في قلبه (غل يغلي). مما جعل ثلاثة منهم يتفقون على قتل علي - رضي الله عنه.. وقتل معاوية بن أبي سفيان وقتل "عمرو بن العاص" – العقل المفكر – في جيش الشام، وذلك في ليلة القدر وفي صلاة الفجر عندما يؤم كل منهم بجماعته للصلاة.. ونجح "الإرهابي الأول" في قتل علي رحمه الله.. وفشل "الإرهابي الثاني" في قتل معاوية حيث قبض عليه.. وأما الإرهابي الثالث فقد قتل (شخصا آخر كان يؤم أهل مصر للصلاة) بدلا من عمرو بن العاص الذي كان تلك الليلة مريضا.
وكم قد رأت رأى (الخوارج) فرقة فأين (عليا) في حروب شراتها
والفتن (صرعات) و(موديلات) وردود العقل عليها أيضا (صرعات) و(موديلات) "وما أشبه الليلة بالبارحة".