الكذب الأصفر المعصفر

الكذب صفة سيئة متفق على قبحها (واستثنى الكذب الأبيض من الكذب الذي منه الإصلاح بين الناس) والكذب اليوم رغم صدوره من الثقوب السوداء إلا أنه يتم تجميله بألوان الطيف كلها (أصفر ومعصفر).. يعني (أشقر وشعره ذهب).
ففي الشؤون السياسية: تكون الحقائق في تقارير مشفرة مختصرها لا يعلمها إلا الله، ثم الرعاة السياسيون الراسخون في علم ما سوف يكون: وما عداهم تكون ثقافتهم السياسية مأخوذة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وكلها وسائل نسبة الكذب فيها 99 في المائة، ما يجعل الذي يصدقها (مشوها سياسياً) كما قال حافظ إبراهيم:
جرائد ما خط حرف بها
لغير تفريق وتضليل
يحلو بها الكذب أربابها
كأنها أول إبريـــل

هذا في السياسة: وفي التجارة الحديث يطول عن كذب التجار بهدف تسويق بضائعهم.

... أما الكذب الذي يمارسه الناس في حياتهم الاجتماعية وهو (المرض الاجتماعي) فقد وصفه مثل يقول (أكذب من سراب) ومدحه آخرون بقول (الكذب ملح الرجال): والرجال هنا هم الرجال - الخانسين - الدلعين - يعني (ما فيهم ملح).

ولكن المتنبي يرى .. (أن الكذب ملح النساء) حيث قال:
تفرد بالأحكام في أهله الهوى
فأنت جميل الخلف مستحسن الكذب

وأحياناً يكون (الكذب) أمنية إذا كان الحادث جلل لا ترغب تصديقه.. حيث قال المتنبي أيضاً:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

والكذب ظاهرة شائعة بين الجنسين في علاقاتهم الهشة - كل فطير وطير - كما هو شائع في إبراز الذات عند الشباب... ويقول علماء النفس أن الكذب طريقة مقبولة للحصول على منفعة أو تجنب ضرر.

وإذا كانت غاية الكذب إخفاء الحقيقة، فهناك كذب يخفي الحقيقة ويسمونه (تجميل) فكل وسائل التجميل مكشوفة ولا تعتبر من ألوان الكذب. والإحصائيات تقول إن بريطانيا وفي عام واحد فقط صرفت على تجميل نسائها نحو مائة وأحد عشر مليارا - مليار وليس مليون - جنيه استرليني... إذن كم صرفت فرنسا ودول أوروبا ودول الخليج والعالم كله في هذا اللون من الكذب؟!! الذي يعني إخفاء الحقيقة أو تلطيفها.

... والكذب أحيانا تمدحه الحكمة القائلة – ( لا أسمع... لا أنطق... لا أرى) – يعني إذا سمع الواحد أو رأي من أهم وسائل السلامة ألا ينطق – يعني ياكل تبن أحسن، وكما قال مصطفى التل:
رأيت كيف الصدق يذ
هب من يقول به ضحية
ايقنت أن الألمعية في
ازدراء الألمعيـــــة

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي