وداعاً رمضان

 [email protected]

تسارعت خطي الشهر المبارك وانقضت أيامه بيننا وها هو يرحل بعد أن كان ضيفًا عزيزًا كريمًا علينا. وكعادة الضيوف ذوي الشفافية واللطف، فإنهم يرحلون سريعًا حتى قبل أن نشبع من وجودهم بيننا.
قبل عدة أيام خلت، أطل علينا رمضان فأضاء حياتنا وأغدق علينا من بركاته، وها نحن نستعد لوداع شهر رمضان الكريم، الذي أوله رَحْمَة وأوسطه مَغْفِرَة وآخره عِتْقٌ من النَّار. كما أبلغنا بذلك رسولنا المصطفى – عليه أفضل الصلاة وأتَمُّ التَّسليم.
وبقدر فرحنا بقدوم الشهر المبارك طمعًا في مَغْفِرة الخَالق – جلَّ وعلا ورحمته، فإنه ليحزننا ذهابه وكلنا أمل ورجاء في أن يستجيب الله دعاءنا ويتقبَّل صِيامنا وقيامنا وصلاتنا، وأن يشمل برحمته موتى المسلمين.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه بإلحاح: ماذا أتينا من الطاعات والأعمال الصالحات ما يشفع لنا عند أرحم الراحمين؟ علينا أن نحاسب أنفسنا ونقيم أعمالنا لنصل على حقيقة أنه ليس أمامنا سوى الإكثار من أعمال البر والطاعات والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال وهو أرحم الراحمين، عسى أن ننال رضا الخالق العظيم في هذا الشهر الفضيل الكريم.
وشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن تتجلى فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فنحن حقيقة أمام شهر تترى فيه دلائل رحمة الخالق – سبحانه وتعالى، بما فيه من فضل وسعادة وتصفيد الشياطين، وما فيه من عافية وتنزل السكينة ورقة القلب بالصيام وقيام الليل، وامتلاء المساجد بالمصلين والقائمين، وتسارع الناس في الخيرات خلاله ما هي إلاَّ دلائل على هذه الرحمة.
من منا ليس في حاجة إلى مغفرة الله العظيم؟ هذا الشهر هو شهر المغفرة يغفر فيه للمرء ما تقدم من ذنبه – بإذن الله تعالى "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" – حديث شريف.
ولا يعني انقضاء شهر الصوم أن نتوقف عن كل الأعمال الخيرة التي كنا نمارسها فيه ومنها قراءة القرآن، وكف الجوارح عن الأذى، والتصدق والرحمة فكل هذه معاني جميلة وزاد للآخرة فيجب ألا نتوقف عنها وأن نستمر فيها وكأن الشهر المبارك لا يزال بيننا.
وعلينا أن نسعى في أعمال البر والخير بعد انقضاء هذا الشهر الفضيل الذي ملأ حياتنا إشراقًا ونورًا. وعلينا أن نتأسى في أعمال البر والخير برسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، الذي كان أجود من الريح المرسلة.
أسأل الله العلي القدير أن يتقبل صيامنا وقيامنا وأن يبلغنا رمضان المقبل، إنه جواد كريم.

* فاكس: 6393223 02

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي