أوقفوهم .. بفلوسهم
<p><a href="mailto:[email protected]">abdulqadera@rcjy.gov.sa</a></p>
الخطوة الموفقة التي أقدم عليها مرور الرياض أخيرا، المتمثلة في الإيقاف الفوري لمرتكبي بعض المخالفات كتجاوز السرعة القانونية، وعدم التقيد بإشارات المرور، وغيرها من المخالفات التي تندرج في نظري تحت بند إيذاء الآخرين بعد إيذاء الشخص لنفسه، تعد من وجهة نظري من أفضل القرارات والخطوات التي أقدمت عليها تلك الجهة المسؤولة عن حماية أرواح الناس.
والأرقام المفزعة التي نطالعها عند التقاطعات في معظم شوارع العاصمة، التي هي عبارة عن إحصائيات لعدد الحوادث وحجم الوفيات وحجم الإصابات التي وقعت خلال العام الماضي، أقول إن تلك الإحصائيات تقشعر لها الأبدان وتنأى عن سماعها الأذان. وكل يوم يمر تحصد السيارات عشرات الأرواح وكأننا نخوض غمار حرب لا هوادة فيها، وكم أتمنى أن تبرز تلك الأرقام في مختلف الأماكن كالمدارس، والمستشفيات، والميادين، وغيرها ليرى الناس حجم الدمار الذي يخلفه التهور الذي تتصف به قيادتنا للمركبات.
ومن هنا أعتقد أن خطوة الإيقاف الفوري قد جاءت كحل لا بد منه، وكم أتمنى أن يتم تعميمها في مختلف مناطق المملكة كما هو الحال في مدينة الرياض، لأن المشكلة أصبحت مشكلة وطنية أكتوت بنارها الكثير من الأسر التي فقدت أحد أفرادها، إن لم يكن أكثر من فرد منها، في حوادث مرورية ناتجة عن التهور، ولكن عملية الإيقاف التي تتم في بعض المواقع التابعة لمرور الرياض كحجز الناصرية وغيره من أماكن الحجز الأخرى تحتاج، في نظري ونظر الكثيرين، إلى إعادة نظر، فنحن نعلم أن عملية الحجز أو الإيقاف إنما تهدف إلى تأديب الأشخاص المخالفين وردعهم عن تكرار تلك المخالفات، وليس الهدف منها امتهان إنسانية هؤلاء الاشخاص والإساءة إليهم.
أخيرا اطلعت على تحقيق صحافي نشرته إحدى الصحف، وهذا التحقيق ينقل بالكلمة والصورة واقع حجز المرور وهو في الحقيقة واقع لا يتلاءم مع كرامة الإنسان ولا يراعي أبسط حقوقه، فالأجساد مرصوصة على بعضها وكأن الأشخاص قد وضعوا في صندوق من الخرسانة دونما مراعاة لخصوصياتهم.
إن الشخص الموقوف يحتاج إلى فراش يأوي إليه ويحتاج دورة مياه نظيفة يقضي فيها حاجته، إضافة إلى احتياجاته الأخرى طيلة فترة الحجز التي قد تمتد إلى 24 ساعة أو أكثر أو أقل. غير أن هذه الاحتياجات شبه معدومة، إن لم تكن معدومة فعلا.
روى لي أحد الأشخاص أن قريبه كان موقوفاً في حجز المرور الواقع في حي النفل شمال الرياض ولما ذهب إليه لاستكمال إجراءات كفالته، اصطدمت سيارته بسيارة أخرى، ولم يكن قد أمّن على رخصة القيادة، يقول: أقسم بالله إنني لم أطق الوقوف أمام النافذة أكثر من دقيقة لأتحدث معه جراء الروائح الكريهة المنبعثة ـ أكرمكم الله ـ من مكان الحجز فاضطررت لوضع شماغي على أنفي متلثماً به، حيث أصبت بحالة من الغثيان. وأعلم أن الكثير من القراء قد واجه الكثير من المواقف المشابهة. إنني لا أطالب بالعدول عن هذا القرار أعني قرار الإيقاف الفوري، بل إنني أؤيده بقوة وأجزم أن الجميع متفقون على أهمية استمراره، لأنه وحسب الإحصائيات الأخيرة قد آتى ثماره، حيث تقلصت الحوادث وانخفضت نسبة المخالفات المرورية، ولكنني أتقدم باقتراح أتمنى أن يلقى الاستحسان لدى المسؤولين في المرور. واقتراحي يتمثل في تحسين الوضع في مواقع الحجز من حيث نظافتها واحتوائها على بعض المستلزمات كدورات المياه النظيفة، والأسرة الخاصة بالنوم، وأجهزة التلفزيون، وغيرها من المستلزمات الضرورية، على أن يكون ذلك مقابل رسوم رمزية يدفعها الموقوف، لأن من شأن ذلك أن يحد من عمليات التهور. ولئلا يتحول الحجز المروري إلى فندق يأوى إليه البعض، خصوصاً أن بلادنا تحتضن الكثير من المقيمين الذين ما أن يجد بعضهم هذه الخدمات في حجز المرور فلربما يفضلونه على مقر سكناهم، وبالتالي يجنحون إلى ارتكاب المخالفات المرورية بهدف الإقامة في الحجز.
إنه اقتراح قابل للنقاش وبانتظار رأي المسؤولين عن هذه القضية.
والله من وراء القصد.