"أنظمة بالية" ( 1 من 3)
<p><a href="mailto:[email protected]">Al_yousef99@hotmail.com</a></p>
في كل دول العالم تمر جميع الأنظمة بمراجعات وتحسينات وتطوير تعود بالفائدة على الخاضعين لهذه الأنظمة وعلى العمل الذي تديره هذه الأنظمة. لكن عندنا تمر عشرات السنوات على الكثير من الأنظمة دون تطوير ودون مراجعة بل إن الدول التي استقينا منها هذه الأنظمة حسنت وطورت بل ألغت بعض هذه الأنظمة وسنت أنظمة تتلاءم ومستجدات العصر ونحن (على طمام المرحوم) لا تجديد ولا تطوير ولا تحسين ولا تعديل ولعل نظام ترقيات الموظفين في الدولة ونظام معاشات التقاعد ونظام المناقصات من أبرز النظم البالية لدينا، التي لم تمسسها يد التحسين والتطوير مما جعلها سببا لشقاء الناس وحرمانهم وانعكس ذلك سلبا على العمل، فمثلا لا يزال نظام الترقيات يجبر الموظف على أن ينتقل إلى حيث الوظيفة التي رُقي عليها مع ما في ذلك من صعوبة وتشتت الأسرة فالأب في بلد وأسرته في بلد وما يتبع ذلك من صرف بدل ترحيل راتب شهر وما يكلف ذلك خزانة الدولة الكثير من الأموال وما يلحق ذلك من معاناة لهذا الموظف من التنقل يوميا أو أسبوعيا لكي يكون بجوار أسرته. فلماذا هذا التضييق على خلق الله؟ ولماذا لا يراجع النظام ويطور كما فعلت الدول التي عملت لنا هذا النظام بأن تأتي الوظيفة (المرتبة) للموظف في مكانة بدلاً أن يذهب هو إليها ففي ذلك استقرار للموظف وأسرته وتوفير لخزانة الدولة من بدل الترحيل.
أعتقد أن الإصرار على هكذا نظام ظلم للكثير من الموظفين وحرمان لهم من الترقية لأن ليس الكثير من الموظفين قادرين على الانتقال للوظيفة في المكان الذي تمت فيه الترقية فبعضهم يتنازل عن الترقية بعد أن ظل حوالى عقد من الزمن ينتظرها. ومن لا يتنازل يضطر إلى التحايل على هذا النظام (الجائر) ويطلب التكليف في مقر وظيفته السابق وبعضهم يسمح له وبعضهم يقف له الحظ العاثر ولا يسمح له بالتكليف فيبدأ في مسلسل المعاناة من التنقل اليومي أو الأسبوعي بين مقر وظيفته ومقر أسرته ويقضي على كل ما لديه من إجازات ثم يضطر إلى الإجازات المرضية والاستثنائية والغياب. فلماذا نجبر الناس الذين رزقهم على الله ثم على الوظيفة أن يتعرضوا لأخطار الطرقات يوميا أو أسبوعيا وكأن موت المعلمات لم يكف لنلحق بهم الموظفين وكذا نضطرهم إلى أن يستنفدوا ما لديهم من إجازات ادخروها لظروف طارئة أو للتعويض عنها بعد التقاعد ونجبرهم على أن يتحايلوا بتقارير طبية الله أعلم بها. كل هذا وغيره لا يعود على الموظف ولا على العمل بالفائدة. ومعروف أن الأنظمة من وضع البشر وقابلة للمراجعة والتطوير والتحسين بما يخدم الموظف ويساعد على استقراره ويساهم في تعزيز ولائه وحبه للوظيفة مما يدفعه للإنتاج الذي ينعكس إيجابا على عمله بما يطور العمل وينمي خدمة الوطن والمواطن، فالموظف غير المستقر نفسيا لن يعطي ولن يبذل وهو يرى أن النظام قد تسبب في معاناته ومعاناة أسرته.
لا أعلم سبب الإصرار على نظام ضحاياها بالآلاف فكل شيء قابل للتطوير، خاصة ما له مساس بحياة واستقرار البشر. قد يقول قائل إن من تحت يده تطوير هذا النظام في وزارة الخدمة المدنية لم يعان من التنقل وراء الترقية ولم يكابد عشرات السنين انتظارا لها ولم تمر عليه الأيام بعيدا عن أسرته. فأقول ولكن ينبغي النظر بعين الشفقة والرحمة لآلاف الموظفين الذين تصيبهم الرهبة عند سماع قرار الترقية خوفا من البعد عن الأهل والتنقل اليومي والأسبوعي. فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. ولنا لقاء مع نظام آخر الأسبوع المقبل.