مفاجآت تقرير التنافسية الاقتصادية لعام 2006

<a href="mailto:[email protected]">jasim.husain@gmail.com</a>

فجرت سويسرا مفاجأة من العيار الثقيل بحلولها في المرتبة الأولى وللمرة الأولى بين دول العالم على مؤشر التنافسية الاقتصادية. وعليه نجحت سويسرا في إزاحة الولايات المتحدة عن موقع الصدارة التي بدورها حلت في المرتبة السادسة في تقرير عام 2006. غطى التقرير الذي صدر حديثا تقييما لأداء 125 بلدا في العالم ما يعني إضافة ثماني دول أخرى مقارنة بتقرير عام 2005. يُشار إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي, الذي يتخذ من منتجع دافوس في سويسرا مقرا له, يصدر التقرير السنوي منذ عام 2001.

ثلاث ركائز
يستند تقرير التنافسية على ثلاثة متغيرات رئيسية وهي: أولا بيئة الاقتصاد الكلي, ثانيا وضع المؤسسات العامة وثالثا الاستعداد التقني للبلد. يقيس المعيار الأول بيئة الاقتصاد الكلي أو الشامل ويركز على أمور حيوية مثل العجز أو الفائض في الموازنة ونسب التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي. أما المتغير الثاني فيهتم بوضع المؤسسات العامة للتأكد من وجود شفافية في المعاملات الحكومية ومحاربة الفساد الإداري. بينما يدرس المعيار الثالث الاستعداد التقني أو التكنولوجي من حيث انتشار وسائل الاتصالات مثل تقنية المعلومات والإنترنت. تتمثل المنهجية المستخدمة في صياغة المؤشر على جمع المعلومات العامة المتوافرة إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال. يعطي المؤشر نقطتين لكل متغير أي ست نقاط للمعايير الثلاثة مجتمعة. يقيس المؤشر مدى نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة في الدول المشمولة في التقرير. نجحت سويسرا في جمع 5.81 من النقاط (على المقياس المكون من ست نقاط) في تقرير العام 2006 أي الأفضل على مستوى العالم.

نجاح الدول الاسكندنافية
فضلا عن سويسرا, تتمتع الدول الاسكندنافية بسجل ناصع على مؤشر المنافسة الاقتصادية وذلك على الرغم من تبني النهج الاشتراكي كنظام اقتصادي إذ توفر الحكومات الخدمات العامة لسكانها وبالمقابل تفرض عليهم ضرائب عالية نسبيا. فقد حلت كل من فنلندا والسويد والدنمارك على المراتب الثانية والثالثة والرابعة على التوالي. لاحظ التقرير أن الدول الاسكندنافية، إضافة إلى سويسرا تتحاشى تسجيل عجز في الموازنة العامة كما أن هناك شبه انعدام للفساد المالي والإداري في المعاملات مع الدوائر الرسمية فضلا عن وجود مؤسسات تشجع على الابتكار.
وعلى صعيد ذي صلة, تمكنت سنغافورة من الاحتفاظ بترتيبها القديم بحلولها في المرتبة الخامسة دوليا. وعلى هذا الأساس حافظت سنغافورة على مركز الصدارة على مستوى قارة آسيا.
من جهة أخرى, لاحظ التقرير أن خسارة الولايات المتحدة مركز الصدارة جاء نتيجة مشاكل في المعيار الأول (الاقتصاد الكلي) بدليل تكرار تسجيل العجز في الموازنة العامة. كما أبدى التقرير تخوفه من انتشار ظاهرة الاقتراض من قبل الحكومة الفدرالية.

تونس الأولى عربيا
من جهتها, فجرت تونس مفاجأة بين الدول العربية بحلولها في المرتبة 30 على الصعيد العالمي، ويعتبر هذا الترتيب الأفضل بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى هذا الأساس نجحت الجمهورية التونسية في إقصاء دولة الإمارات من مركز الصدارة بين الدول العربية. حقيقة القول حافظت الإمارات على ترتيبها السابق (المرتبة 32) وعليه حلت في المرتبة الثانية عربيا لكن الأولى خليجيا.
بدورها نجحت دولة قطر في التقدم ثمان مراتب في غضون سنة ولذا حلت في المرتبة رقم 38 على مستوى العالم. وتقدمت دولة الكويت خمس مراتب إلى المرتبة رقم 44 دوليا. وأيضا تقدمت مملكة البحرين مرحلة واحدة إلى المرتبة 49 عالميا. في المقابل لم يتم تقييم كل من السعودية وعمان لأسباب غير معروفة.
ولاحظ التقرير أن التقدم الذي طرأ على أداء عدد من الدول الخليجية الغنية بالموارد تحقق على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية وبقائها مرتفعة. وعلى هذا الأساس تمكنت دول مجلس التعاون من تحسن أدائها في الميزان التجاري على وجه الخصوص, كما وفرت الوفرة النفطية الفرصة لتسجيل فائض في الموازنات العامة. وهذا بدوره يعني تحسن الأداء على معيار الاقتصاد الكلي.

توظيف الفوائض المالية
من جهة أخرى, انتقد التقرير ضمنا عدم استفادة دول مجلس التعاون من الفوائض النفطية بشكل كاف على التنمية البشرية. بمعنى آخر, نبه التقرير إلى أن المطلوب من دول المجلس توظيف الفوائض لتحقيق قفزة فيما يخص التنمية البشرية.
بالعودة إلى الوراء كشف تقرير "التنافسية العربية 2005" والصادر من قبل المصدر نفسه عن وجود الكثير من العوائق التي بدورها تعوق القدرة التنافسية للاقتصاديات العربية. على سبيل المثال هناك البيروقراطية أو عدم انتشار ثقافة تذليل الصعاب أمام المراجعين فضلا عن المستثمرين. وأكد التقرير انتشار الفساد الإداري الأمر الذي يعيق جلب الاستثمارات الأجنبية.
المؤكد أن نتائج الدول العربية ما زالت متدنية نسبيا قياسا بالدول الأوروبية. المطلوب من الدول العربية الاستفادة من تجارب الدول الاسكندنافية في توفير البيئة الصحية للمنافسة فضلا عن القضاء على مظاهر الفساد في المعاملات الرسمية. نأمل أن تواصل الدول العربية تحسين أدائها على مؤشر التنافسية الاقتصادية حتى يتسنى انتشار الخير للمجتمعات العربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي