خطيب الجمعة ... الدور المطلوب!
<a href="mailto:[email protected]">Mosaad@al-majalla.com</a>
لفت نظري خطيب جامع من خلال خطبتيه في إحدى الجمع، كانت الرسالة التي وجهها تصبّ في تميز العرب والمسلمين الذي لم يبلغه أحد غيرهم. واتفق معه في ذلك إذا كان المعنى يخص رسولنا الكريم وديننا الإسلامي الحنيف، وأختلف معه فيما يرمي إليه من احتقار لعلوم الغرب الحديثة، و أيضا فيما يخص تأكيده أن حضاراتنا الحالية هي الحقيقية وغيرها كزبد السيل.
أوجه الاختلاف كثيرة وتبقى أهمها حقوقاً كاملة قد كفلها الإسلام وهو ما لا اختلاف عليه، لكن هل هذا يطبق الآن في بلاد المسلمين ومن بعض من يرون أنهم حاملو لواء الإسلام والمعنيون فقط بالدفاع عنه!!.
غني عن الحديث الإشارة إلى أن المبالغة في تصوير تميّز المسلمين في كل شيء، ناهيك عن التأكيد على تصوراتهم للحياة والبشر لا بد أن تختلف عن باقي الشعوب والحضارات، حديث لا يقره عاقل، لأن الحقيقة المسلَّم بها تميز ديننا الإسلامي كعقيدة ونظام تعامل وأسلوب حياة، أيضا لا ينكر كل من برأسه عقل أن المسلمين أصحاب حضارة أثّرت كثيراً في البشرية، لكن المبالغة في أن الأمم التي استطاعت أن تجعل من العلم الحديث سبيلاً لحياة أسهل وأكثر رفاهية لا ترقى إلى ما هو عليه المسلمون مع الإشارة الدائمة إلى الحضارة الإسلامية السابقة، مثل جدير بأن يوجد الوهن ويبث الارتخاء في صفوف شباب المسلمين.
وكم كنت أتمنى أن يكون خطيبنا ملماً وعلى دراية بقراءة التاريخ والأحداث لكي يكون معيناً أكثر لشبابنا من حيث تحفيزهم على النيل من العلوم الحديثة واستقاء ذلك ممن سبقونا والتعلم منهم لكي نعيد لإسلامنا قوته من خلال قدرة أبنائه على مواكبة العلوم الحديثة والعمل بها، لكن أن يطلب منهم وضع الحواجز عن كل ما هو غريب وكل ما هو علم حديث، فتلك مصيبة .. وأي مصيبة؟!. خطيبنا الفاضل بدأ وكأنه يردد كلاماً لم يع معناه لأنه لم يدرك مبدأ الأولويات، فطلب العلم حث عليه الإسلام والعلم المعني المفيد بكل صوره، والعلم الشرعي أحدها وليس كلها!! وتفضيل الأمور الثانوية على المهمة جدير بأن يوجد ردة فعل تسهم في التراجع ولا تخدم المجتمعات المتطلعة نحو غد أفضل، بل ونذير بجعل الشبان المسلمين أسرى لعبارات ضيقة وشعارات مبهمة، لا تقدم دليلاً على فائدتها .
من جهتي أدرك تواضع معلوماتي، لكن ما أدركه أكثر أن هناك مسلمات يجب أن نفعلها ونعمل في إطارها ما دمنا لا نمس أو نختزل أو حتى نتجاوز الأسس الإسلامية العقائدية التي هي غذاء روحنا، تلك التي عاش عليها أهل هذا البلد منذ سطوع نور الإسلام من مكة المكرمة.
مع اعتزازنا بديننا الذي يختلف عن كل الديانات بأنه "أي الإسلام" دين ودولة وهذا مبدأ لا يمكن التخلي عنه فنحن لسنا مطالبين بالموافقة لأي بشر أو دولة أو نخضع لعلم أو تقنية إذا ما كان هذا سيتم على حساب ديننا، لكن علينا أن نكون منطقيين في دعواتنا وما نحتاج إليه.
وبعد، فهل يتنبه بعض خطبائنا إلى أهمية ما يلقونه على الناس؟. وهل يجددون وعيهم، ويصححون خطأهم قبل فوات الأوان؟.